الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن جامع في يومين أو في أيام وجب لكل يوم كفارة ; لأن صوم كل يوم عبادة منفردة فلم تتداخل كفارتها كالعمرتين ، وإن جامع في يوم مرتين لم يلزمه للثاني كفارة ; لأن الجماع الثاني لم يصادف صوما ) .

                                      [ ص: 370 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 370 ] الشرح ) اتفق أصحابنا على أنه إذا جامع في يومين أو أيام وجب لكل يوم كفارة ، سواء كفر عن الأول أم لا ، لما ذكره المصنف ، بخلاف من تطيب ثم تطيب في الإحرام قبل أن يكفر عن الأول فإنه يكفيه فدية واحدة في أحد القولين ; لأن الإحرام عبادة واحدة ، بخلاف اليومين من رمضان ، وإن جامع زوجته في يوم من رمضان مرتين فأكثر لزمه كفارة واحدة عن الأول ولا شيء عن ( الثاني ) بلا خلاف ، لما ذكره .

                                      ( فرع ) قال أبو العباس الجرجاني في كتابه المعاياة : فيمن وطئ زوجته في صوم رمضان ثلاثة أقوال : ( أحدها ) يلزمه الكفارة دونها ( والثاني ) يلزمه كفارة عنهما ( والثالث ) يلزم كل واحد كفارة ويتحمل الزوج ما دخله التحمل ، وهو العتق والإطعام ، قال : فإذا وطئ أربع زوجات في يوم واحد لزمه على القول الأول كفارة فقط عن الوطء الأول ، ولا يلزمه شيء لباقي الوطئات ، وعلى الثانية يلزمه أربع كفارات : كفارة عن وطئته الأولى عنه وعنها ، وثلاث عن الباقيات ; لأنها لا تتبعض إلا في موضع يوجد التحمل ، وعلى الثالث يلزمه خمس كفارات كفارتان عنه وعن الأولى بوطئها ، وثلاث عن الباقيات ، قال : ولو كانت له زوجتان مسلمة وكتابية فوطئهما في يوم لزمه على القول الأول كفارة واحدة بكل حال . وأما على القول الثاني فإن قدم وطء المسلمة فعليه كفارة وإلا فكفارتان ، وعلى الثالث يلزمه كفارتان بكل حال ; لأنه إن قدم المسلمة لزمه كفارتان عنه وعنها ولا شيء بسبب الكتابية .

                                      وإن قدم الكتابية لزمه لنفسه كفارة ثم أخرى عن المسلمة ، هذا كلام الجرجاني وفي بعضه نظر . وقال صاحب الحاوي : إذا وطئ أربع زوجات في يوم ، فإن قلنا : الكفارة عنهن ، فعليه أربع كفارات وإلا فكفارة ، وذكر في المسلمة والكتابية نحو قول الجرجاني . فرع في مذاهب العلماء فيمن كرر جماع زوجته في يوم من رمضان ذكرنا أن مذهبنا أن عليه كفارة واحدة بالجماع الأول ، سواء كفر عن الأول أم لا ، وبه قال أبو حنيفة ومالك ، وقال أحمد : [ ص: 371 ] إن كان الوطء الثاني قبل تكفيره عن الأول لزمه كفارة أخرى ; لأنه وطء محرم فأشبه الأول . دليلنا أنه لم يصادف صوما منعقدا بخلاف الجماع الأول . فرع في مذاهبهم فيمن وطئ في يومين أو أيام من رمضان قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يجب لكل يوم كفارة ، سواء كفر عن الأول أم لا ، وبه قال مالك وداود وأحمد في أصح الروايتين عنه . وقال أبو حنيفة : إن وطئ في ( الثاني ) قبل تكفيره عن الأول ، كفته كفارة واحدة ، وإن كفر عن الأول فعنه روايتان ، قال : ولو جامع في رمضانين ففي رواية عنه أنه كرمضان واحد ، وفي رواية تتكرر الكفارة ، وهذه هي الرواية الصحيحة عنه ، وقاسه على الحدود . واحتج أصحابنا بأنها عبادات فلم تتداخل بخلاف الحدود المبنية على الدرء والإسقاط .




                                      الخدمات العلمية