الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب صحة حج الصبي وأجر من حج به

                                                                                                                1336 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر جميعا عن ابن عيينة قال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال من القوم قالوا المسلمون فقالوا من أنت قال رسول الله فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( لقي ركبا بالروحاء فقال : من القوم ؟ فقالوا : المسلمون ، فقالوا : من أنت ؟ قال : رسول الله ) صلى الله عليه وسلم . الركب أصحاب الإبل خاصة ، وأصله أن يستعمل في عشرة فما دونها ، وسبق في مسلم في الأذان أن ( الروحاء ) مكان على ستة وثلاثين ميلا من المدينة ، قال القاضي عياض : يحتمل أن هذا اللقاء كان ليلا فلم يعرفوه صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل كونه نهارا ، لكنهم لم يروه صلى الله عليه وسلم قبل ذلك لعدم هجرتهم ، فأسلموا في بلدانهم ولم يهاجروا قبل ذلك .

                                                                                                                قوله : ( فرفعت امرأة صبيا لها فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر ) فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام ، بل يقع تطوعا ، وهذا الحديث صريح فيه ، وقال أبو حنيفة : لا يصح حجه . قال أصحابه : وإنما فعلوه تمرينا له ليعتاده فيقع إذا بلغ ، وهذا الحديث يرد عليهم ، قال القاضي : لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان ، وإنما منعه طائفة من أهل البدع ، ولا يلتفت إلى قولهم ، بل هو مردود بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وإجماع الأمة ، وإنما خلاف أبي حنيفة في أنه هل ينعقد حجه وتجري عليه أحكام الحج ، وتجب فيه الفدية ودم الجبران وسائر أحكام البالغ ؟ فأبو حنيفة يمنع ذلك كله ويقول : إنما يجب ذلك [ ص: 463 ] تمرينا على التعليم ، والجمهور يقولون : تجري عليه أحكام الحج في ذلك ويقولون : حجه منعقد يقع نفلالأن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له حجا قال القاضي : وأجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الإسلام إلا فرقة شذت فقالت : يجزئه ، ولم تلتفت العلماء إلى قولها .




                                                                                                                الخدمات العلمية