الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فيهن خيرات حسان فبأي آلاء ربكما تكذبان حور مقصورات في الخيام فبأي آلاء ربكما تكذبان لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان .

ضمير فيهن عائد إلى الجنات الأربع الجنتين الأوليين والجنتين اللتين من دونهما فيجوز أن يكون لصاحب الجنتين الأوليين جنتان أخريان فصارت له أربع جنات . ويجوز أن يكون توزيعا على من خافوا ربهم كما تقدم .

و ( خيرات ) صفة لمحذوف يناسب صيغة الوصف ، أي : نساء خيرات ، وخيرات مخفف من خيرات بتشديد الياء مؤنث خير وهو المختص بأن صفته الخير ضد الشر . وخفف في الآية طلبا لخفة اللفظ مع السلامة مع اللبس بما أتبع به ومن وصف حسان الذي هو جمع حسناء كما خفف هين ولين في قول الشاعر :

هينون لينون

ومعنى ( خيرات ) أنهن فاضلات النفس كرائم الأخلاق .

ومعنى ( حسان ) : أنهم حسان الخلق ، أي صفات الذوات .

و ( حور ) بدل من ( خيرات ) . الحور : جمع حوراء وهي ذات الحور بفتح الواو ، وهو وصف مركب من مجموع شدة بياض أبيض العين وشدة سواد أسودها وهو من محاسن النساء ، وتقدم عند قوله تعالى وزوجناهم بحور عين في سورة الدخان .

[ ص: 274 ] ووصف نساء الجنتين الأوليين ب قاصرات الطرف . ووصف نساء الجنات الأربع بأنهن حور مقصورات في الخيام ، فعلم أن الصفات الثابتة لنساء الجنتين واحدة .

والمقصورات : اللائي قصرت على أزواجهن لا يعدون الأنس مع أزواجهن ، وهو من صفات الترف في نساء الدنيا فهن اللائي لا يحتجن إلى مغادرة بيوتهن لخدمة أو ورد أو اقتطاف ثمار ، أي هن مخدومات مكرمات كما قال أبو قيس بن الأسلت :

ويكرمها جاراتها فيزرنها     وتعتل عن إتيانهن فتعذر

والخيام : جمع خيمة وهي البيت ، وأكثر ما تقال على البيت من أدم أو شعر تقام على العمد وقد تطلق على العمد وقد تطلق على بيت البناء .

واعترض بجملة فبأي آلاء ربكما تكذبان بين البدل والمبدل منه وبين الصفتين لقصد التكرير في كل مكان يقتضيه .

وتقدم القول في لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان آنفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية