الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 460 ] استدراك

                                                                                                                          سقط من الأصل الذي اعتمدناه أولا فصل يبحث في الألفاظ التي يكثر ذكرها في الكتاب ، وقد استدركناه من النسختين اللتين وصلتنا أخيرا ، وهذا هو :

                                                                                                                          فصل مما تكرر ذكره في الكتاب خمسة أشياء .

                                                                                                                          أحدها : الرواية مفردة ، ومثناة ، ومجموعة ، كقوله : على روايتين ، وفيه روايتان . فالرواية في الأصل : مصدر روى الحديث والشعر ونحوهما رواية : إذا حفظه وأخبر به ، وهي هاهنا مصدر مطلق على المفعول ، فهي رواية بمعنى : مروية ، وهي الحكم المروي عن الإمام أحمد رضي الله عنه في المسألة ، وكذا هي في اصطلاح أصحاب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، يعبرون عن ذلك بالقول ، فيقولون : فيها قول وقولان ، وأقوال للشافعي ، وكل ذلك اصطلاح لا حجر على الناس فيه ،

                                                                                                                          الثاني : الوجه مثنى ومجموعا ; فيقال : وجهان ، وعلى وجهين ، وثلاثة أوجه ، وهو في الأصل من كل شيء مستقبله ، ثم يستعمل في غير ذلك .

                                                                                                                          وفي اصطلاح الفقهاء : الحكم المنقول في المسألة لبعض أصحاب الإمام المجتهدين فيه ، ممن رآه فمن بعدهم ، جاريا على قواعد الإمام ، فيقال : وجه في مذهب الإمام أحمد ، والإمام الشافعي ، أو نحوهما ، وربما كان مخالفا لقواعد الإمام إذا عضده الدليل .

                                                                                                                          الثالث : قوله بعد ذكر المسألة : " وعنه " فهو عبارة عن رواية عن الإمام ، والضمير فيه له ، وإن لم يتقدم له ذكر ; لكونه معلوما ، فهو كقوله تعالى : إنا أنزلناه [ القدر : 1 ] والضمير للقرآن مع عدم ذكره لفظا ، " فعنه " جار ومجرور متعلق بمحذوف ، أي نقل ناقل عنه ، أو نقل أصحابه عنه ، وفعل ذلك المتأخرون اختصارا ، وإلا فالأصل أن يقال : نقل عبد الله عن الإمام كذا ، أو نقل صالح ، أو نقل المروزي ، كما فعله أبو الخطاب في " الهداية " ، وغيره من المتقدمين .

                                                                                                                          [ ص: 461 ] الرابع : التخريج ، فيقولون : يتخرج كذا ، وهو مطاوع خرج ، تقول : خرجه فتخرج ، كما تقول : علمه فتعلم ، وخرج متعدي خرج يخرج ، ضد دخل يدخل ، وهو في معنى الاحتمال ، وإنما يكون الاحتمال والتخريج إذا فهم المعنى ، وكان المخرج والمحتمل مساويا لذلك المخرج منه في ذلك المعنى ، كما إذا أفتى في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين ، جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة منهما إلى الأخرى ، ما لم يفرق بينهما ، أو يقرب الزمن .

                                                                                                                          الخامس : الاحتمال ، وهو في الأصل مصدر : احتمل الشيء بمعنى : حمله ، وهو افتعال منه ، ومعناه : أن هذا الحكم المذكور قابل ومتهيئ لأن يقال فيه بخلافه ، كاحتمال قبول الشهادة بغير لفظ الشهادة ، نحو : أعلم ، أو أتحقق ، أو أجزم ; فإنه قابل للقول فيه بذلك ، والاحتمال في معنى الوجه ، لأن الوجه مجزوم بالفتيا به ، والاحتمال يبين أن ذلك صالح لكونه وجها . وكثير من الاحتمالات في المذهب ، بل أكثرها ، للقاضي الإمام أبي يعلى محمد بن الفراء في كتابه " المجرد " وغيره ، ومما نكرر فيه قوله : ظاهر المذهب ، فالمذهب : مفعل ، من ذهب يذهب : إذا مضى ، مقصودا به المصدر ، أي : ظاهر ذهابه ، والألف واللام فيه للعهد ، لأن المراد بذلك مذهب الإمام أحمد ، والظاهر البائن الذي ليس يخفى أنه المشهور في المذهب ، كنقض الوضوء بأكل لحم الجزور ، ولمس الذكر ، وعدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة ، ولا يكاد يطلق إلا على ما فيه خلاف عن الإمام أحمد .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية