الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهذا الكتاب في أصوله أربعة أبواب :

الباب الأول : في حكم الضحايا ومن المخاطب بها ؟ .

الباب الثاني : في أنواع الضحايا وصفاتها وأسنانها وعددها .

الباب الثالث : في أحكام الذبح .

الباب الرابع : في أحكام لحوم الضحايا .

الباب الأول في حكم الضحايا ، ومن المخاطب بها ؟

- اختلف العلماء في الأضحية : هل هي واجبة أم هي سنة ؟ فذهب مالك والشافعي إلى أنها من السنن المؤكدة ، ورخص مالك للحاج في تركها بمنى ، ولم يفرق الشافعي في ذلك بين الحاج وغيره . وقال أبو حنيفة : الضحية واجبة على المقيمين في الأمصار الموسرين ، ولا تجب على المسافرين ، وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا : إنها ليست بواجبة ، وروي عن مالك مثل قول أبي حنيفة . وسبب اختلافهم شيئان :

أحدهما : هل فعله عليه الصلاة والسلام في ذلك محمول على الوجوب أو على الندب ، وذلك أنه لم يترك صلى الله عليه وسلم الضحية قط فيما روي عنه حتى في السفر على ما جاء في حديث ثوبان قال : " ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحيته ثم قال : يا ثوبان أصلح لحم هذه الضحية ، قال : فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة " .

والسبب الثاني : اختلافهم في مفهوم الأحاديث الواردة في أحكام الضحايا ، وذلك أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام من حديث أم سلمة أنه قال : " إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره شيئا ، ولا من أظفاره " . قالوا : فقوله : " إذا أراد أحدكم أن يضحي " فيه دليل على أن الضحية ليست [ ص: 353 ] بواجبة . ولما أمر عليه الصلاة والسلام أبي بردة بإعادة أضحيته إذ ذبح قبل الصلاة فهم قوم من ذلك الوجوب ، ومذهب ابن عباس أن لا وجوب .

قال عكرمة : بعثني ابن عباس بدرهمين أشتري بهما لحما وقال : من لقيت فقل له : هذه ضحية ابن عباس .

وروي عن بلال أنه ضحى بديك ، وكل حديث ليس بوارد في الغرض الذي يحتج فيه به فالاحتجاج به ضعيف .

واختلفوا هل يلزم الذي يريد التضحية أن لا يأخذ من العشر الأول من شعره وأظفاره ، والحديث بذلك ثابت .

التالي السابق


الخدمات العلمية