الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة أبي بكر

كانت وفاة أبي بكر - رضي الله عنه - لثماني ليال بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء ، وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وهو الصحيح ، وقيل غير ذلك ، وكان قد سمه اليهود في أرز ، وقيل في حريرة ، وهي الحسو ، فأكل هو والحارث بن كلدة ، فكف الحارث وقال لأبي بكر : أكلنا طعاما مسموما سم سنة . فماتا بعد سنة .

وقيل : إنه اغتسل وكان يوما باردا ، فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى صلاة ، فأمر عمر أن يصلي بالناس . ولما مرض قال له الناس : ألا ندعو الطبيب ؟ قال : قد أتاني وقال لي : أنا فاعل ما أريد . فعلموا مراده وسكتوا عنه ، ثم مات .

وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال ، وقيل : كانت سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال ، وكان مولده بعد الفيل بثلاث سنين .

وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن ، وأن يكفن في ثوبيه ويشترى معهما ثوب ثالث ، وقال : الحي أحوج إلى الجديد من الميت ، إنما هو للمهلة والصديد .

ودفن ليلا وصلى عليه عمر بن الخطاب في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكبر عليه أربعا ، وحمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل قبره ابنه عبد الرحمن وعمر وعثمان وطلحة ، وجعل رأسه عند كتفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وألصقوا لحده بلحد النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعل قبره مثل قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مسطحا . وأقامت عائشة عليه النوح ، فنهاهن عن البكاء عمر ، فأبين ، فقال لهشام بن الوليد : ادخل فأخرج إلي ابنة أبي قحافة ، [ ص: 263 ] فأخرج إليه أم فروة ابنة أبي قحافة ، فعلاها بالدرة ضربات ، فتفرق النوح حين سمعن ذلك .

وكان آخر ما تكلم به : توفني مسلما وألحقني بالصالحين .

وكان أبيض خفيف العارضتين ، أحنى ، لا يستمسك إزاره ، معروق الوجه ، نحيفا ، أقنى ، غائر العينين ، يخضب بالحناء والكتم ، وكان أبوه حيا بمكة لما توفي .

وهو أبو بكر عبد الله ، وقيل : عتيق بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ، يجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرة بن كعب ، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم .

وقيل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : أنت عتيق من النار ، فلزمه ، وقيل : إنما قيل له عتيق لرقة حسنه وجماله . وأسلمت أمه قديما بعد إسلام أبي بكر ، وتزوج في الجاهلية قتيلة بنت عبد العزى بن عامر بن لؤي ، فولدت له عبد الله وأسماء ، وتزوج أيضا في الجاهلية أم رومان ، واسمها دعد بنت عامر بن عميرة الكنانية ، فولدت له عبد الرحمن وعائشة ، وتزوج في الإسلام أسماء بنت عميس ، وكانت قبله عند جعفر بن أبي طالب ، فولدت له محمد بن أبي بكر ، وتزوج أيضا في الإسلام حبيبة بنت خارجة بن زيد الأنصارية ، فولدت له بعد وفاته أم كلثوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية