الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب صدق الإيمان وإخلاصه

                                                                                                                124 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لا يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم حدثنا إسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم قالا أخبرنا عيسى وهو ابن يونس ح وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي أخبرنا ابن مسهر ح وحدثنا أبو كريب أخبرنا ابن إدريس كلهم عن الأعمش بهذا الإسناد قال أبو كريب قال ابن إدريس حدثنيه أولا أبي عن أبان بن تغلب عن الأعمش ثم سمعته منه [ ص: 308 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 308 ] باب صدق الإيمان وإخلاصه

                                                                                                                فيه قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم هكذا وقع الحديث هنا في صحيح مسلم ووقع في صحيح البخاري لما نزلت الآية قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أينا لم يظلم نفسه ؟ فأنزل الله تعالى إن الشرك لظلم عظيم فهاتان الروايتان إحداهما تبين الأخرى فيكون لما شق عليهم أنزل الله تعالى إن الشرك لظلم عظيم وأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الظلم المطلق هناك المراد به هذا المقيد وهو الشرك فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك ليس الظلم على إطلاقه وعمومه كما ظننتم إنما هو الشرك كما قال لقمان لابنه فالصحابة - رضي الله عنهم - حملوا الظلم على عمومه والمتبادر إلى الأفهام منه وهو وضع الشيء في غير موضعه وهو مخالفة الشرع فشق عليهم إلى أن أعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمراد بهذا الظلم قال الخطابي إنما شق عليهم لأن ظاهر الظلم الافتيات بحقوق الناس وما ظلموا به أنفسهم من ارتكاب المعاصي فظنوا أن المراد معناه الظاهر وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه ومن جعل العبادة لغير الله تعالى فهو أظلم الظالمين

                                                                                                                وفي هذا الحديث جمل من العلم منها أن المعاصي لا تكون كفرا والله أعلم

                                                                                                                وأما ما يتعلق بالإسناد فقول مسلم - رحمه الله - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله هذا إسناد رجاله كوفيون كلهم وحفاظ متقنون في نهاية الجلالة وفيهم ثلاثة أئمة جلة فقهاء تابعيون بعضهم عن بعض سليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس وقل اجتماع مثل هذا الذي اجتمع في هذا الإسناد والله [ ص: 309 ] أعلم

                                                                                                                وفيه علي بن خشرم بفتح الخاء وإسكان الشين المعجمتين وفتح الراء وقد تقدم بيانه في المقدمة

                                                                                                                وفيه منجاب بكسر الميم وإسكان النون وبالجيم وآخره باء موحدة

                                                                                                                وفيه قال ابن إدريس حدثنيه أولا أبي عن أبان بن تغلب عن الأعمش ثم سمعته منه هذا تنبيه منه على علو إسناده هنا فإنه نقص عنه رجلان وسمعه من الأعمش وقد تقدم مثل هذا في باب الدين النصيحة وتقدم الخلاف في صرف أبان في مقدمة الكتاب وأن المختار عند المحققين صرفه و تغلب بكسر اللام غير مصروف

                                                                                                                وفيه لقمان الحكيم واختلف العلماء في نبوته قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي اتفق العلماء على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا إلا عكرمة فإنه قال وكان نبيا وتفرد بهذا القول وأما ابن لقمان الذي قال له لا تشرك بالله فقيل اسمه أنعم ويقال مشكم والله أعلم




                                                                                                                الخدمات العلمية