الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة فالواحد منهم باشر القتل بنفسه والباقون له أعوان ورده له فقد قيل : إنه يقتل المباشر فقط والجمهور على أن الجميع يقتلون ولو كانوا مائة وأن الردة والمباشر سواء وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين ; فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين . والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال ينظر منه لهم من يجيء . ولأن المباشر إنما تمكن من قتله بقوة الردء ومعونته .

                والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين . فإن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 312 ] قال : { المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قاعدهم } . يعني أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا فإن الجيش يشاركها فيما غنمت ; لأنها بظهره وقوته تمكنت ; لكن تنفل عنه نفلا ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها في مصلحة الجيش كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر ; لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم .

                وهكذا المقتتلون على باطل لا تأويل فيه ; مثل المقتتلين على عصبية ودعوى جاهلية ; كقيس ويمن ونحوهما ; هما ظالمتان . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه أراد قتل صاحبه } . أخرجاه في الصحيحين . وتضمن كل طائفة ما أتلفته للأخرى من نفس ومال . وإن لم يعرف عين القاتل ; لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد وفي ذلك قوله تعالى { كتب عليكم القصاص في القتلى } .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية