الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر

                                                                                                                                                                                                        1911 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمأرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر [ ص: 302 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 302 ] قوله : ( باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر ) في رواية الكشميهني : " التمسوا " بصيغة الأمر . وهذه الترجمة والتي بعدها - وهي تحري ليلة القدر - معقودتان لبيان ليلة القدر ، وقد اختلف الناس فيها على مذاهب كثيرة سأذكرها مفصلة بعد الفراغ من شرح أحاديث البابين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) لم أقف على تسمية أحد من هؤلاء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أروا ليلة القدر ) أروا بضم أوله على البناء للمجهول أي : قيل : لهم في المنام : إنها في السبع الأواخر ، والظاهر أن المراد به أواخر الشهر ، وقيل : المراد به السبع التي أولها ليلة الثاني والعشرين وآخرها ليلة الثامن والعشرين ، فعلى الأول لا تدخل ليلة إحدى وعشرين ولا ثلاث وعشرين ، وعلى الثاني تدخل الثانية فقط ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين ، وقد رواه المصنف في التعبير من طريق الزهري عن سالم عن أبيه : إن ناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر ، وإن ناسا أروا أنها في العشر الأواخر ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : التمسوها في السبع الأواخر وكأنه - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى المتفق عليه من الروايتين فأمر به ، وقد رواه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري بلفظ : رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : التمسوها في العشر البواقي في الوتر منها ، ورواه أحمد من حديث علي مرفوعا : " إن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي ولمسلم عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر بلفظ : من كان ملتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر ولمسلم من طريق عقبة بن حريث عن ابن عمر : التمسوها في العشر الأواخر ، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي ، وهذا السياق يرجح الاحتمال الأول من تفسير السبع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أرى ) بفتحتين أي : أعلم ، والمراد أبصر مجازا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رؤياكم ) قال عياض كذا جاء بإفراد الرؤيا ، والمراد مرائيكم ؛ لأنها لم تكن رؤيا واحدة وإنما أراد الجنس ، وقال ابن التين : كذا روي بتوحيد الرؤيا ، وهو جائز لأنها مصدر ، قال : وأفصح منه رؤاكم جمع رؤيا ؛ ليكون جمعا في مقابلة جمع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تواطأت ) بالهمزة أي : توافقت وزنا ومعنى ، وقال ابن التين : روي بغير همز والصواب بالهمز ، وأصله أن يطأ الرجل برجله مكان وطء صاحبه . وفي هذا الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية بشرط أن لا يخالف القواعد الشرعية ، وسنذكر بسط القول في أحكام الرؤيا في كتاب التعبير ، إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية