الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب التقصير في العمرة

                                                                                                                1246 حدثنا عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس قال قال ابن عباس قال لي معاوية أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص فقلت له لا أعلم هذا إلا حجة عليك

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( قال ابن عباس : قال لي معاوية : أعلمت أني قصرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص ؟ فقلت : لا أعلم هذه إلا حجة عليك ) وفي الرواية الأخرى : قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص ، وهو على المروة ، أو رأيته يقصر عنه بمشقص ، وهو على المروة . في هذا الحديث جواز الاقتصار على التقصير وإن كان الحلق أفضل ، وسواء في ذلك الحاج والمعتمر ، إلا أنه يستحب للمتمتع أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج ليقع الحلق في أكمل العبادتين ، وقد سبقت الأحاديث في هذا .

                                                                                                                وفيه أنه يستحب أن يكون تقصير المعتمر أو حلقه عند المروة ؛ لأنها موضع تحلله ، كما يستحب للحاج أن يكون حلقه أو تقصيره في منى لأنها موضع تحلله ، وحيث حلقا أو قصرا من الحرم كله جاز . وهذا الحديث محمول على أنه قصر عن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الجعرانة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان قارنا كما سبق إيضاحه ، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حلق بمنى وفرق أبو طلحة رضي الله عنه شعره بين الناس ، فلا يجوز حمل تقصير معاوية على حجة الوداع ، ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من [ ص: 378 ] الهجرة ؛ لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان . هذا هو الصحيح المشهور ، ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع وزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا ؛ لأن هذا غلط فاحش ، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السابقة في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت ؟ فقال : " إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر الهدي " . وفي رواية " حتى أحل من الحج " والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( بمشقص ) هو بكسر الميم وإسكان الشين المعجمة وفتح القاف . قال أبو عبيد وغيره : هو نصل السهم إذا كان طويلا ليس بعريض . وقال أبو حنيفة الدينوري : هو كل نصل فيه عنزة ، وهو الناتئ وسط الحربة . وقال الخليل : هو سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية