الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن نجيد

                                                                                      الشيخ الإمام القدوة المحدث الرباني شيخ نيسابور أبو عمرو إسماعيل بن نجيد بن الحافظ أحمد بن يوسف بن خالد السلمي النيسابوري الصوفي كبير الطائفة ، ومسند خراسان .

                                                                                      مولده في سنة اثنتين وسبعين ومائتين .

                                                                                      سمع أبا مسلم الكجي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، ومحمد بن أيوب البجلي ، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي ، وإبراهيم بن أبي طالب ، وعلي بن الجنيد الرازي ، وجعفر بن أحمد بن نصر ، وجماعة .

                                                                                      وله جزء من أعلى ما سمعناه .

                                                                                      حدث عنه سبطه أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو عبد الله الحاكم ، وأبو نصر أحمد بن عبد الرحمن الصفار ، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي . وعبد القاهر بن طاهر الأصولي ، وأبو نصر عمر بن قتادة ، وأبو العلاء صاعد بن محمد القاضي ، وأبو نصر محمد بن عبدش ، وأبو حفص عمر بن مسرور ، وآخرون .

                                                                                      ومن محاسنه أن شيخه الزاهد أبا عثمان الحيري طلب في مجلسه مالا [ ص: 147 ] لبعض الثغور ، فتأخر ، فتألم وبكى على رءوس الناس ، فجاءه ابن نجيد بألفي درهم ، فدعا له ، ثم إنه نوه به ، وقال : قد رجوت لأبي عمرو بما فعل ، فإنه قد ناب عن الجماعة ، وحمل كذا وكذا ، فقام ابن نجيد ، وقال : لكن إنما حملت من مال فامي وهي كارهة ، فينبغي أن ترده لترضى . فأمر أبو عثمان بالكيس فرد إليه ، فلما جن الليل جاء بالكيس ، والتمس من الشيخ ستر ذلك ، فبكى ، وكان بعد ذلك يقول : أنا أخشى من همة أبي عمرو .

                                                                                      وقال الحاكم : ورث أبو عمرو من آبائه أموالا كثيرة ، فأنفق سائرها على العلماء والزهاد ، وصحب أبا عثمان الحيري والجنيد ، وسمع من الكجي وغيره .

                                                                                      قال أبو عبد الرحمن السلمي جدي له طريقة ينفرد بها من صون الحال وتلبيسه ، سمعته يقول : كل حال لا يكون عن نتيجة علم - وإن جل - فإن ضرره على صاحبه أكبر من نفعه . وسمعته يقول : لا يصفو لأحد قدم في العبودية حتى تكون أفعاله عنده كلها رياء ، وأحواله كلها عنده دعاوى . وقال جدي : من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق ، سهل عليه الإعراض عن الدنيا وأهلها .

                                                                                      وسمعت أبا عمرو بن مطر يقول : سمعت أبا عثمان الحيري ، وخرج من عنده ابن نجيد يقول : يلومني الناس في هذا الفتى ، وأنا لا أعرف على طريقته سواه ، وربما يقول : هو خلفي من بعدي .

                                                                                      [ ص: 148 ] وقال بعض المشايخ لي : جدك من الأوتاد .

                                                                                      توفي ابن نجيد في ربيع الأول سنة خمس وستين وثلاثمائة عن ثلاث وتسعين سنة .

                                                                                      ومات معه ابن عدي ، وأحمد بن جعفر الختلي ، وأحمد بن نصر الذارع الواهي ، وأبو علي الحسن بن منير الدمشقي ، والحافظ أبو علي الماسرجسي ، وأبو بكر القفال الشاشي ، والمعز صاحب القاهرة ، ومنصور بن عبد الملك الساماني صاحب ما وراء النهر .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية