الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين تفريع على جملة قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ، أي انتقمنا منهم عقب [ ص: 191 ] تصريحهم بتكذيب الرسل . وهذا تهديد بالانتقام من الذين شابهوهم في مقالهم ، وهم كفار قريش .

والانتقام افتعال من النقم وهو المكافأة بالسوء ، وصيغة الافتعال لمجرد المبالغة ، يقال : نقم كعلم وضرب : إذا كافأ على السوء بسوء ، وفي مثل : هو كالأرقم إن يترك يلقم وإن يقتل ينقم . الأرقم : ضرب من الحيات يعتقد العرب أنه من الجن فإن تركه المرء يتسور عليه فيلسعه ويقتله وإن قتله المرء انتقم بتأثيره فأمات قاتله ، وهذا من أوهام العرب .

والمراد بالانتقام استئصالهم وانقراضهم . وتقدم في قوله تعالى : فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم في سورة الأعراف .

ولذلك فالنظر في قوله : فانظر كيف كان عاقبة المكذبين نظر التفكر والتأمل فيما قص الله على رسوله من أخبارهم كقوله تعالى : قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين في سورة النمل ، وليس نظر البصر ؛ إذ لم ير النبيء حالة الانتقام فيهم .

ويجوز أن يكون الخطاب لغير معين ، أي لكل من يتأتى منه التأمل .

و ( كيف ) استفهام عن الحالة وهو قد علق فعل النظر عن مفعوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية