الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ روض ]

                                                          روض : الروضة : الأرض ذات الخضرة . والروضة : البستان الحسن ، عن ثعلب . والروضة : الموضع يجتمع إليه الماء يكثر نبته . ولا يقال في موضع الشجر روضة ، وقيل : الروضة عشب وماء ولا تكون روضة إلا بماء معها أو إلى جنبها . وقال أبو زيد الكلابي : الروضة القاع ينبت السدر وهي تكون كسعة بغداد . والروضة أيضا : من البقل والعشب ، وقيل : الروضة قاع فيه جراثيم ورواب سهلة صغار في سرار الأرض ، يستنقع فيها الماء ، وأصغر الرياض مائة ذراع . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : بين قبري أو بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، الشك من ثعلب فسره هو وقال : معناه أنه من أقام بهذا الموضع فكأنه أقام في روضة من رياض الجنة ، يرغب في ذلك ، والجمع من ذلك كله روضات ورياض وروض ورياضان ، صارت الواو ياء في رياض للكسرة قبلها ، هذا قول أهل اللغة ، قال ابن سيده : وعندي أن ريضانا ليس بجمع روضة إنما هو روض الذي هو جمع روضة ، لأن لفظ روض ، وإن كان جمعا ، قد طابق وزن ثور ، وهم مما قد يجمعون الجمع إذا طابق وزن الواحد جمع الواحد ، وقد يكون جمع روضة على طرح الزائد الذي هو الهاء . وأروضت الأرض وأراضت : ألبسها النبات . وأراضها الله : جعلها رياضا . وروضها السيل : جعلها روضة . وأرض مستروضة : تنبت نباتا جيدا أو استوى بقلها . والمستروض من النبات : الذي قد تناهى في عظمه وطوله . وروضت القراح : جعلتها روضة . قال يعقوب : قد أراض هذا المكان وأروض إذا كثرت رياضه . وأراض الوادي واستراض أي : استنقع فيه الماء وكذلك أراض الحوض ، ومنه قولهم : شربوا حتى أراضوا أي : رووا فنقعوا بالري . وأتانا بإناء يريض كذا وكذا نفسا . قال ابن بري : يقال أراض الله البلاد جعلها رياضا ، قال ابن مقبل :

                                                          [ ص: 263 ]

                                                          ليالي بعضهم جيران بعض بغول فهو مولي مريض



                                                          قال يعقوب : الحوض المستريض الذي قد تبطح الماء على وجهه ، وأنشد :


                                                          خضراء فيها وذمات بيض     إذا تمس الحوض يستريض



                                                          يعني بالخضراء دلوا . والوذمات : السيور . وروضة الحوض : قدر ما يغطي أرضه من الماء ، قال :


                                                          وروضة سقيت منها نضوتي



                                                          قال ابن بري : وأنشد أبو عمرو في نوادره وذكر أنه لهميان السعدي :


                                                          وروضة في الحوض قد سقيتها     نضوي وأرض قد أبت طويتها



                                                          وأراض الحوض : غطى أسفله الماء ، واستراض : تبطح فيه الماء على وجهه ، واستراض الوادي : استنقع فيه الماء . قال : وكأن الروضة سميت روضة لاستراضة الماء فيها ، قال أبو منصور : ويقال أراض المكان إراضة إذا استراض الماء فيه أيضا . وفي حديث أم معبد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه لما نزلوا عليها وحلبوا شاتها الحائل شربوا من لبنها وسقوها ، ثم حلبوا في الإناء حتى امتلأ ، ثم شربوا حتى أراضوا ، قال أبو عبيد : معنى أراضوا أي : صبوا اللبن على اللبن ، قال : ثم أراضوا وأرضوا من المرضة وهي الرثيئة ، قال : ولا أعلم في هذا الحديث حرفا أغرب منه ، وقال غيره : أراضوا شربوا عللا بعد نهل مأخوذ من الروضة ، وهو الموضع الذي يستنقع فيه الماء ، أرادت أنهم شربوا حتى رووا فنقعوا بالري ، من أراض الوادي واستراض إذا استنقع فيه الماء ، وأراض الحوض كذلك ، ويقال لذلك الماء : روضة . وفي حديث أم معبد أيضا : فدعا بإناء يريض الرهط أي : يرويهم بعض الري ، من أراض الحوض إذا صب فيه من الماء ما يواري أرضه ، وجاءنا بإناء يريض كذا وكذا رجلا ، قال : والرواية المشهورة بالباء ، وقد تقدم . والروض : نحو من نصف القربة ماء . وأراضهم : أرواهم بعض الري ، ويقال : في المزادة روضة من الماء كقولك فيها شول من الماء . أبو عمرو : أراض الحوض ، فهو مريض . وفي الحوض روضة من الماء إذا غطى الماء أسفله وأرضه ، وقال : هي الروضة والريضة والأريضة والإراضة والمستريضة . وقال أبو منصور : فإذا كان البلد سهلا لا يمسك الماء وأسفل السهولة صلابة تمسك الماء فهو مراض ، وجمعها مرائض ومراضات ، فإذا احتاجوا إلى مياه المرائض حفروا فيها جفارا فشربوا واستقوا من أحسائها إذا وجدوا ماءها عذبا . وقصيدة ريضة القوافي إذا كانت صعبة لم تقتضب قوافيها الشعراء . وأمر ريض إذا لم يحكم تدبيره . قال أبو منصور : رياض الصمان والحزن في البادية أماكن مطمئنة مستوية يستريض فيها ماء السماء ، فتنبت ضروبا من العشب ولا يسرع إليها الهيج والذبول ، فإذا كانت الرياض في أعالي البراق والقفاف فهي السلقان ، واحدها سلق ، وإذا كانت في الوطاءات فهي رياض ، ورب روضة فيها حرجات من السدر البري ، وربما كانت الروضة ميلا في ميل ، فإذا عرضت جدا فهي قيعان ، واحدها قاع . وكل ما يجتمع في الإخاذ والمساكات والتناهي ، فهو روضة . وفلان يراوض فلانا على أمر كذا أي : يداريه ليدخله فيه . وفي حديث طلحة : فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب أي : تجاذبنا في البيع والشراء وهو ما يجري بين المتبايعين من الزيادة والنقصان كأن كل واحد منهما يروض صاحبه من رياضة الدابة ، وقيل : هو المواصفة بالسلعة ليست عندك ، ويسمى بيع المواصفة ، وقيل : هو أن يصفها ويمدحها عنده . وفي حديث ابن المسيب : أنه كره المراوضة ، وبعض الفقهاء يجيزه إذا وافقت السلعة الصفة . وقال شمر : المراوضة أن تواصف الرجل بالسلعة ليست عندك . والريض من الدواب : الذي لم يقبل الرياضة ولم يمهر المشية ولم يذل لراكبه . ابن سيده : والريض من الدواب والإبل ضد الذلول ، الذكر والأنثى في ذلك سواء ، قال الراعي :


                                                          فكأن ريضها إذا استقبلتها     كانت معاودة الركاب ذلولا



                                                          قال : وهو عندي على وجه التفاؤل لأنها إنما تسمى بذلك قبل أن تمهر الرياضة . وراض الدابة يروضها روضا ورياضة : وطأها وذللها أو علمها السير ، قال امرؤ القيس :


                                                          ورضت فذلت صعبة أي إذلال



                                                          دل بقوله أي إذلال أن معنى قوله رضت ذللت لأنه أقام الإذلال مقام الرياضة . ورضت المهر أروضه رياضا ورياضة ، فهو مروض ، وناقة مروضة ، وقد ارتاضت ، وكذلك روضته شدد للمبالغة ، وناقة ريض : أول ما ريضت وهي صعبة بعد ، وكذلك العروض والعسير والقضيب من الإبل كله والأنثى والذكر فيه سواء ، وكذلك غلام ريض ، وأصله ريوض ، فقلبت الواو ياء وأدغمت ، قال ابن سيده : وأما قوله :


                                                          على حين ما بي من رياض لصعبة     وبرح بي أنقاضهن الرجائع



                                                          فقد يكون مصدر رضت كقمت قياما ، وقد يجوز أن يكون أراد رياضة فحذف الهاء كقول أبي ذؤيب :


                                                          ألا ليت شعري هل تنظر خالد     عيادي على الهجران أم هو يائس



                                                          أراد عيادتي فحذف الهاء ، وقد يكون عيادي هنا مصدر عدت كقولك قمت قياما إلا أن الأعرف رياضة وعيادة ، ورجل رائض من قوم راضة وروض ورواض . واستراض المكان : فسح واتسع . وافعله ما دام النفس مستريضا أي : متسعا طيبا ، واستعمله حميد الأرقط في الشعر والرجز ، فقال :


                                                          أرجزا تريد أم قريضا     كلاهما أجيد مستريضا



                                                          أي : واسعا ممكنا ، ونسب الجوهري هذا الرجز للأغلب العجلي ، قال ابن بري : نسبه أبو حنيفة للأرقط ، وزعم أن بعض الملوك أمره أن يقول فقال هذا الرجز .

                                                          [ ص: 264 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية