الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ روب ]

                                                          روب : الروب : اللبن الرائب ، والفعل : راب اللبن يروب روبا ورءوبا : خثر وأدرك فهو رائب ، وقيل : الرائب الذي يمخض فيخرج زبده . ولبن روب ورائب ، وذلك إذا كثفت دوايته وتكبد لبنه ، وأتى مخضه ، ومنه قيل : اللبن الممخوض رائب ; لأنه يخلط بالماء عند المخض ليخرج زبده . تقول العرب : ما عندي شوب ولا روب ، فالروب : اللبن الرائب والشوب : العسل المشوب ، وقيل : الروب اللبن ، والشوب العسل ، من غير أن يحدا . وفي الحديث : لا شوب ولا روب في البيع والشراء . تقول ذلك في السلعة تبيعها أي : إني بريء من عيبها وهو مثل بذلك . وقال ابن الأثير في تفسير هذا الحديث أي : لا غش ولا تخليط ، ومنه قيل للبن الممخوض : رائب كما تقدم . الأصمعي : من أمثالهم في الذي يخطئ ويصيب : هو يشوب ويروب ؛ قال أبو سعيد : معنى يشوب ينضح ويذب ، يقال للرجل إذا نضح عن صاحبه : قد شوب عنه قال : ويروب أي : يكسل . والتشويب : أن ينضح نضحا غير مبالغ فيه ، فهو بمعنى قوله يشوب أي : يدافع مدافعة لا يبالغ فيها . ومرة يكسل فلا يدافع بتة . قال أبو منصور : وقيل في قولهم : هو يشوب أي : يخلط الماء باللبن فيفسده ، ويروب : يصلح من قول الأعرابي : راب إذا أصلح ؛ قال : والروبة إصلاح الشأن والأمر ، ذكرهما غير مهموزين ، على قول من يحول الهمزة واوا . ابن الأعرابي : راب إذا سكن ؛ وراب : اتهم . قال أبو منصور : إذا كان راب بمعنى أصلح ، فأصله مهموز من رأب الصدع ، وقد مضى ذكرها . وروب اللبن وأرابه : جعله رائبا . وقيل : المروب قبل أن يمخض ، والرائب بعد المخض وإخراج الزبد . وقيل : الرائب يكون ما مخض ، وما لم يمخض . قال الأصمعي : الرائب الذي قد مخض وأخرجت زبدته . والمروب الذي لم يمخض بعد ، وهو في السقاء ، لم تؤخذ زبدته . قال أبو عبيد : إذا [ ص: 252 ] خثر اللبن ، فهو الرائب ، فلا يزال ذلك اسمه حتى ينزع زبده ، واسمه على حاله ، بمنزلة العشراء من الإبل ، وهي الحامل ، ثم تضع ، وهو اسمها ، وأنشد الأصمعي :


                                                          سقاك أبو ماعز رائبا ومن لك بالرائب الخاثر ؟



                                                          يقول : إنما سقاك الممخوض ، ومن لك بالذي لم يمخض ولم ينزع زبده ؟ وإذا أدرك اللبن ليمخض ، قيل : قد راب . أبو زيد : الترويب أن تعمد إلى اللبن إذا جعلته في السقاء ، فتقلبه ليدركه المخض ، ثم تمخضه ولم يرب حسنا ، هذا نص قوله ، وأراد بقوله حسنا نعما . والمروب : الإناء والسقاء الذي يروب فيه اللبن . وفي التهذيب : إناء يروب فيه اللبن . قال :


                                                          عجيز من عامر بن جندب     تبغض أن تظلم ما في المروب



                                                          وسقاء مروب : روب فيه اللبن . وفي المثل : للعرب أهون مظلوم سقاء مروب . وأصله : السقاء يلف حتى يبلغ أوان المخض ، والمظلوم : الذي يظلم فيسقى أو يشرب قبل أن تخرج زبدته . أبو زيد في باب الرجل الذليل المستضعف : أهون مظلوم سقاء مروب . وظلمت السقاء إذا سقيته قبل إدراكه . والروبة : بقية اللبن المروب ، تترك في المروب حتى إذا صب عليه الحليب كان أسرع لروبه . والروبة والروبة : خميرة اللبن ؛ الفتح عن كراع . وروبة اللبن : خميرة تلقى فيه من الحامض ليروب . وفي المثل : شب شوبا لك روبته ، كما يقال : احلب حلبا لك شطره . غيره : الروبة خمير اللبن الذي فيه زبده ، وإذا أخرج زبده فهو روب ، ويسمى أيضا رائبا بالمعنيين . وفي حديث الباقر : أتجعلون في النبيذ الدردي ؟ قيل : وما الدردي ؟ قال : الروبة . الروبة في الأصل : خميرة اللبن ، ثم يستعمل في كل ما أصلح شيئا وقد تهمز . قال ابن الأعرابي روي عن أبي بكر في وصيته لعمر رضي الله عنهما : عليك بالرائب من الأمور وإياك والرائب منها ، قال ثعلب : هذا مثل أراد عليك بالأمر الصافي الذي ليس فيه شبهة ولا كدر ، وإياك والرائب أي : الأمر الذي فيه شبهة وكدر . ابن الأعرابي : شاب إذا كذب وشاب إذا خدع في بيع أو شراء . والروبة والروبة ، الأخيرة عن اللحياني : جمام ماء الفحل ، وقيل : هو اجتماعه ، قيل : هو ماؤه في رحم الناقة ، وهو أغلظ من المهاة وأبعد مطرحا . وما يقوم بروبة أمره أي : بجماع أمره أي : كأنه من روبة الفحل . الجوهري : وروبة الفرس : ماء جمامه ، يقال : أعرني روبة فرسك ، وروبة فحلك إذا استطرقته إياه . وروبة الرجل : عقله ؛ تقول : وهو يحدثني وأنا إذ ذاك غلام ليست لي روبة . والروبة : الحاجة ، وما يقوم فلان بروبة أهله أي : بشأنهم وصلاحهم ، وقيل : أي : بما أسندوا إليه من حوائجهم ، وقيل : لا يقوم بقوتهم ومؤنتهم . والروبة : إصلاح الشأن والأمر . والروبة : قوام العيش : والروبة : الطائفة من الليل . وروبة بن العجاج : مشتق منه ، فيمن لم يهمز ; لأنه ولد بعد طائفة من الليل . وفي التهذيب : رؤبة بن العجاج مهموز . وقيل : الروبة الساعة من الليل ، وقيل : مضت روبة من الليل أي : ساعة ، وبقيت روبة من الليل كذلك . ويقال : هرق عنا من روبة الليل ، وقطع اللحم روبة روبة أي : قطعة قطعة . وراب الرجل روبا ورءوبا : تحير وفترت نفسه من شبع أو نعاس ، وقيل : سكر من النوم ، وقيل : إذا قام من النوم خائر البدن والنفس ، وقيل : اختلط عقله ورأيه وأمره . ورأيت فلانا رائبا أي : مختلطا خائرا . وقوم روباء أي : خثراء الأنفس مختلطون . ورجل رائب وأروب . وروبان ، والأنثى رائبة عن اللحياني ، لم يزد على ذلك من قوم روبى : إذا كانوا كذلك ، وقال سيبويه : هم الذين أثخنهم السفر والوجع فاستثقلوا نوما . ويقال : شربوا من الرائب فسكروا ، قال بشر :


                                                          فأما تميم تميم بن مر     فألفاهم القوم روبى نياما



                                                          وهو في الجمع شبيه بهلكى وسكرى ، واحدهم روبان ، وقال الأصمعي : واحدهم رائب مثل مائق وموقى ، وهالك وهلكى . وراب الرجل وروب : أعيا ، عن ثعلب . والروبة : التحير والكسل من كثرة شرب اللبن . وراب دمه روبا إذا حان هلاكه . أبو زيد : يقال : دع الرجل فقد راب دمه يروب روبا أي : قد حان هلاكه ، وقال في موضع آخر : إذا تعرض لما يسفك دمه . قال : وهذا كقولهم : فلان يحبس نجيعه ويفور دمه . وروبت مطية فلان ترويبا إذا أعيت . والروبة : مكرمة من الأرض كثيرة النبات والشجر ، هي أبقى الأرض كلأ ، وبه سمي روبة بن العجاج . قال : وكذلك روبة القدح ما يوصل به ، والجمع روب . والروبة : شجر النلك . والروبة : كلوب يخرج به الصيد من الجحر ، وهو المحرش عن أبي العميثل الأعرابي . ورويبة : أبو بطن من العرب ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية