الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب .

هذا متعلق بالذين كذبوا بالقرآن من العرب ؛ لأن قوله ( لقضي بينهم ) يقتضي [ ص: 318 ] أن الله أخر القضاء بينهم وبين المؤمنين إلى أجل اقتضته حكمته ، فأما قوم موسى فقد قضى بينهم باستئصال قوم فرعون ، وبتمثيل الآشوريين باليهود بعد موسى ، وبخراب بيت المقدس ، وزوال ملك إسرائيل آخرا . وهذا الكلام داخل في إتمام التسلية للرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في استبطاء النصر .

والكلمة هي كلمة الإمهال إلى يوم القيامة بالنسبة لبعض المكذبين ، والإمهال إلى يوم بدر بالنسبة لمن صرعوا ببدر .

والتعبير عن الجلالة بلفظ ربك لما في معنى الرب من الرأفة به والانتصار له ، ولما في الإضافة إلى ضمير الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التشريف . وكلا الأمرين تعزيز للتسلية .

ولك أن تجعل كلمة بين دالة على أخرى مقدرة على سبيل إيجاز الحذف . والتقدير : بينهم وبين المؤمنين ، أي بما يظهر به انتصار المؤمنين ، فإنه يكثر أن يقال : بين كذا وبين كذا ، قال تعالى وحيل بينهم وبين ما يشتهون .

ومعنى سبقت أي تقدمت في علمه على مقتضى حكمته وإرادته .

والأجل المسمى : جنس يصدق بكل ما أجل به عقابهم في علم الله . وأما ضمير وإنهم لفي شك منه مريب فهو خاص بالمشركين الشاكين في البعث والشاكين في أن الله ينصر رسوله والمؤمنين .

والريب : الشك ، فوصف ( شك ) بـ ( مريب ) من قبيل الإسناد المجازي لقصد المبالغة بأن اشتق له من اسمه وصف كقولهم : ليل أليل وشعر شاعر .

التالي السابق


الخدمات العلمية