الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رفه ]

                                                          رفه : الرفاهة والرفاهية والرفهنية : رغد الخصب ولين العيش ، وكذلك الرفاغية والرفغنية والرفاغة . رفه عيشه ، فهو رفيه ورافه وأرفههم الله ورفههم ، ورفهنا نرفه رفها ورفها ورفوها . والرفه بالكسر : أقصر الورد وأسرعه ، وهو أن تشرب الإبل الماء كل يوم ، [ ص: 198 ] وقيل : هو أن ترد كلما أرادت . رفهت الإبل بالفتح ترفه رفها ورفوها وأرفهها ، قال غيلان الربعي :


                                                          ثمت فاظ مرفها في إدناء مداخلا في طول وإغماء



                                                          ورفهها ورفه عنها : كذلك . وأرفه القوم : رفهت ماشيتهم ، واستعار لبيد الرفه في نخل نابتة على الماء فقال :


                                                          يشربن رفها عراكا غير صادية     فكلها كارع في الماء مغتمر



                                                          وأرفه المال : أقام قريبا من الماء في الحوض واضعا فيه . والإرفاه : الادهان والترجيل كل يوم . وفي الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الإرفاه ، هو كثرة التدهن والتنعم ، وقيل : التوسع في المطعم والمشرب ، وهو من الرفه ورد الإبل ، وذلك أنها إذا وردت كل يوم متى شاءت قيل وردت رفها ، قاله الأصمعي . ويقال : قد أرفه القوم إذا فعلت إبلهم ذلك فهم مرفهون ، فشبه كثرة التدهن وإدامته به . والإرفاه : التنعم والدعة ومظاهرة الطعام على الطعام واللباس على اللباس ، فكأنه نهى عن التنعم والدعة ولين العيش ; لأنه من فعل العجم وأرباب الدنيا وأمر بالتقشف وابتذال النفس .

                                                          وقال بعضهم : الإرفاه الترجل كل يوم . ابن الأعرابي : وأرفه الرجل دام على أكل النعيم كل يوم وقد نهي عنه . قال الأزهري : كأنه أراد الإرفاه الذي فسره أبو عبيد أنه كثرة التدهن . ويقال : بيني وبينك ليلة رافهة وثلاث ليال روافه إذا كان يسار فيهن سيرا لينا . ورجل رافه أي : وادع . وهو في رفاهة من العيش أي : سعة ، ورفاهية ، على فعالية ، ورفهنية ، وهو ملحق بالخماسي بألف في آخره ، وإنما صارت ياء لكسرة ما قبلها . ورفه عن الرجل ترفيها : رفق به . ورفه عنه : كان في ضيق فنفس عنه . ورفه عن غريمك ترفيها أي : نفس عنه . والرفه : التبن ؛ عن كراع والمعروف الرفة . وفي المثل : أغنى من التفة عن الرفة . يقال : الرفة التبن ، والتفة السبع ، وهو الذي يسمى عناق الأرض ; لأنه لا يقتات التبن . قال ابن بري : الذي ذكره ابن حمزة الأصفهاني في أفعل من كذا أغنى من التفة عن الرفة ، بالتخفيف وبالتاء التي يوقف عليها بالهاء قال : والأصل رفهة وجمعها رفات ، وقد تقدم الكلام في ذلك في فصل تفه . قال الأزهري : العرب تقول : إذا سقطت الطرفة قلت في الأرض الرفهة ، قال أبو الهيثم : الرفهة الرحمة قال أبو ليلى : يقال فلان رافه بفلان أي : راحم له . ويقال : أما ترفه فلانا ؟ والطرفة : عينا الأسد كوكبان الجبهة أمامها وهي أربعة كواكب . وفي النوادر : أرفه عندي واسترفه ورفه عندي وروح عندي ، المعنى أقم واسترح واستجم واستنفه أيضا . وفي حديث عائشة : فلما رفه عنه أي : أزيل وأزيح عنه الضيق والتعب ، ومنه حديث جابر : أراد أن يرفه عنه أي : ينفس ، ويخفف . وفي حديث ابن مسعود : إن الرجل ليتكلم بالكلمة في الرفاهية من سخط الله ترديه بعد ما بين السماء والأرض ؛ الرفاهية : السعة والتنعم أي : أنه ينطق بالكلمة على حسبان أن سخط الله تعالى لا يلحقه إن نطق بها ، وأنه في سعة من التكلم بها ، وربما أوقعته في مهلكة مدى عظمها عند الله تعالى ما بين السماء والأرض . وأصل الرفاهية : الخصب والسعة في المعاش . وفي حديث سلمان : وطير السماء على أرفه خمر الأرض تقع ، قال الخطابي : لست أدري كيف رواه الأصم ، بفتح الألف أو ضمها فإن كانت بالفتح فمعناه على أخصب خمر الأرض ، وهو من الرفه وتكون الهاء أصلية ، وإن كانت بالضم فمعناها الحد والعلم يجعل فاصلا بين أرضين ، وتكون التاء للتأنيث مثلها في غرفة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية