الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رفع ]

                                                          رفع : في أسماء الله تعالى الرافع : هو الذي يرفع المؤمن بالإسعاد وأولياءه بالتقريب . والرفع : ضد الوضع ، رفعته فارتفع فهو نقيض الخفض في كل شيء رفعه يرفعه رفعا ورفع هو رفاعة وارتفع . والمرفع : ما رفع به . وقوله تعالى في صفة القيامة : خافضة رافعة قال الزجاج : المعنى أنها تخفض أهل المعاصي وترفع أهل الطاعة . وفي الحديث : إن الله تعالى يرفع العدل ويخفضه ، قال الأزهري : معناه أنه يرفع القسط وهو العدل فيعليه على الجور وأهله ومرة يخفضه فيظهر أهل الجور على أهل العدل ابتلاء لخلقه وهذا في الدنيا [ ص: 192 ] والعاقبة للمتقين . ويقال : ارتفع الشيء ارتفاعا بنفسه إذا علا . وفي النوادر : يقال ارتفع الشيء بيده ورفعه . قال الأزهري : المعروف في كلام العرب رفعت الشيء فارتفع ، ولم أسمع ارتفع واقعا بمعنى رفع إلا ما قرأته في نوادر الأعراب . والرفاعة - بالضم - : ثوب ترفع به المرأة الرسحاء عجيزتها تعظمها به ، والجمع الرفائع ، قال الراعي :


                                                          عراض القطا لا يتخذن الرفائعا



                                                          والرفاع حبل يشد في القيد يأخذه المقيد بيده يرفعه إليه . ورفاعة المقيد : خيط يرفع به قيده إليه . والرافع من الإبل : التي رفعت اللبأ في ضرعها ، قال الأزهري : يقال للتي رفعت لبنها فلم تدر رافع - بالراء - فأما الدافع فهي التي دفعت اللبأ في ضرعها . والرفع تقريبك الشيء من الشيء . وفي التنزيل : وفرش مرفوعة أي : مقربة لهم ، ومن ذلك رفعته إلى السلطان ، ومصدره الرفعان - بالضم - وقال الفراء : وفرش مرفوعة ، أي : بعضها فوق بعض . ويقال : نساء مرفوعات أي : مكرمات من قولك إن الله يرفع من يشاء ويخفض . ورفع السراب الشخص يرفعه رفعا : زهاه . ورفع لي الشيء : أبصرته من بعد ، وقوله :


                                                          ما كان أبصرني بغرات الصبا     فاليوم قد رفعت لي الأشباح



                                                          قيل : بوعدت لأني أرى القريب بعيدا ، ويروى : قد شفعت لي الأشباح أي : أرى الشخص اثنين لضعف بصري ، وهو الأصح ، لأنه يقول بعد هذا :


                                                          ومشى بجنب الشخص شخص مثله     والأرض نائية الشخوص براح



                                                          ورافعت فلانا إلى الحاكم وترافعنا إليه ورفعه إلى الحكم رفعا ورفعانا ورفعانا : قربه منه وقدمه إليه ليحاكمه ، ورفعت قصتي : قدمتها ، قال الشاعر :


                                                          وهم رفعوا للطعن أبناء مذحج



                                                          أي : قدموهم للحرب ، وقول النابغة الذبياني :


                                                          ورفعته إلى السجفين فالنضد



                                                          أي : بلغت بالحفر وقدمته إلى موضع السجفين ، وهما سترا رواق البيت ، وهو من قولك ارتفع الشيء أي : تقدم ، وليس هو من الارتفاع الذي هو بمعنى العلو ، والسير المرفوع : دون الحضر وفوق الموضوع يكون للخيل والإبل ، يقال : ارفع من دابتك ، هذا كلام العرب . قال ابن السكيت : إذا ارتفع البعير عن الهملجة فذلك السير المرفوع ، والروافع إذا رفعوا في مسيرهم . قال سيبويه : المرفوع والموضوع من المصادر التي جاءت على مفعول كأنه له ما يرفعه وله ما يضعه . ورفع البعير في السير يرفع ، فهو رافع أي : بالغ ، وسار ذلك السير ، ورفعه ورفع منه : ساره ، كذلك ، يتعدى ولا يتعدى ، وكذلك رفعته ترفيعا . ومرفوعها : خلاف موضوعها ، ويقال : دابة له مرفوع ، ودابة ليس له مرفوع ، وهو مصدر مثل المجلود والمعقول : قال طرفة :


                                                          موضوعها زول ومرفوعها     كمر صوب لجب وسط ريح



                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده :


                                                          مرفوعها زول وموضوعها     كمر صوب لجب وسط ريح



                                                          والمرفوع : أرفع السير ، والموضوع دونه ، أي : أرفع سيرها عجب لا يدرك وصفه وتشبيهه ، وأما موضوعها وهو دون مرفوعها ، فيدرك تشبيهه وهو كمر الريح المصوتة ، ويروى : كمر غيث . وفي الحديث : فرفعت ناقتي أي : كلفتها المرفوع من السير ، وهو فوق الموضوع ودون العدو . وفي الحديث : فرفعنا مطينا ورفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطيته وصفية خلفه والحمار يرفع في عدوه ترفيعا ، ورفع الحمار : عدا عدوا بعضه أرفع من بعض . وكل ما قدمته ، فقد رفعته . قال الأزهري : وكذلك ، لو أخذت شيئا فرفعت الأول ، فالأول رفعته ترفيعا . والرفعة : نقيض الذلة . والرفعة : خلاف الضعة ، رفع يرفع رفاعة فهو رفيع ، إذا شرف والأنثى - بالهاء - . قال سيبويه : لا يقال رفع ، ولكن ارتفع ، وقوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع قال الزجاج : قال الحسن : تأويل أن ترفع أن تعظم ، قال : وقيل معناه أن تبنى ، كذا جاء في التفسير . الأصمعي : رفع القوم ، فهم رافعون إذا أصعدوا في البلاد ، قال الراعي :


                                                          دعاهن داع للخريف ولم تكن     لهن بلادا فانتجعن روافعا



                                                          أي : مصعدات يريد لم تكن تلك البلاد التي دعتهن لهن بلادا . والرفيعة : ما رفع على الرجل ، ورفع فلان على العامل ، رفيعة : وهو ما يرفعه من قضية ويبلغها . وفي الحديث : كل رافعة رفعت علينا من البلاغ فقد حرمتها أن تعضد أو تخبط إلا لعصفور قتب أو مسند محالة أي : كل نفس ، أو جماعة مبلغة تبلغ وتذيع عنا ما نقوله فلتبلغ ولتحك أني قد حرمت المدينة أن يقطع شجرها أو يخبط ورقها ، وروي : من البلاغ - بالتشديد - بمعنى المبلغين كالحداث بمعنى المحدثين ، والرفع هنا من رفع فلان على العامل إذا أذاع خبره وحكى عنه . ويقال : هذه أيام رفاع ورفاع ، قال الكسائي : سمعت الجرام والجرام وأخواتها إلا الرفاع فإني لم أسمعها مكسورة ، وحكى الأزهري عن ابن السكيت قال : يقال جاء زمن الرفاع والرفاع إذا رفع الزرع ، والرفاع والرفاع : اكتناز الزرع ورفعه بعد الحصاد ، ورفع الزرع يرفعه رفعا ورفاعة ورفاعا : نقله من الموضع الذي يحصده فيه إلى البيدر ، عن اللحياني ، وبرق رافع : ساطع ، قال الأحوص :


                                                          أصاح ألم تحزنك ريح مريضة     وبرق تلالا بالعقيقين رافع



                                                          ورجل رفيع الصوت أي : شريف ، قال أبو بكر محمد بن السري : ولم يقولوا منه رفع ، قال ابن بري : هو قول سيبويه ، وقالوا رفيع ولم نسمعهم قالوا رفع . وقال غيره : رفع رفعة أي : ارتفع قدره . ورفاعة الصوت ورفاعته - بالضم والفتح - جهارته . ورجل رفيع الصوت : جهيره . وقد رفع الرجل : صار رفيع الصوت . وأما الذي ورد في حديث الاعتكاف : كان إذا دخل العشر أيقظ أهله ورفع المئزر ، وهو [ ص: 193 ] تشميره عن الإسبال ، فكناية عن الاجتهاد في العبادة ، وقيل : كني به عن اعتزال النساء . وفي حديث ابن سلام : ما هلكت أمة حتى يرفع القرآن على السلطان أي : يتأولونه ويرون الخروج به عليه . والرفع في الإعراب : كالضم في البناء وهو من أوضاع النحويين ، والرفع في العربية : خلاف الجر والنصب ، والمبتدأ مرافع للخبر ، لأن كل واحد منهما يرفع صاحبه . ورفاعة ، بالكسر : اسم رجل . وبنو رفاعة : قبيلة : وبنو رفيع : بطن . ورافع : اسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية