الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رصد ]

                                                          رصد : الراصد بالشيء . الراقب له . رصده بالخير وغيره يرصده رصدا ورصدا : يرقبه ، ورصده بالمكافأة كذلك . والترصد : الترقب . قال الليث : يقال أنا لك مرصد بإحسانك حتى أكافئك به ، قال : والإرصاد في المكافأة بالخير ، وقد جعله بعضهم في الشر أيضا ; وأنشد :


                                                          لاهم رب الراكب المسافر احفظه لي من أعين السواحر     وحية ترصد بالهواجر



                                                          فالحية لا ترصد إلا بالشر . ويقال للحية التي ترصد المارة على الطريق لتلسع : رصيد . والرصيد : السبع الذي يرصد ليثب . والرصود من الإبل : التي ترصد شرب الإبل ثم تشرب هي والرصد : القوم يرصدون كالحرس ، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث ، وربما قالوا أرصاد . والرصدة - بالضم - : الزبية . وقال بعضهم : أرصد له بالخير والشر ، لا يقال إلا بالألف ، وقيل : ترصده ترقبه . وأرصد له الأمر : أعده والارتصاد : الرصد . والرصد : المرتصدون ، وهو اسم للجمع . وقال الله - عز وجل - : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله قال الزجاج : كان رجل يقال له أبو عامر الراهب حارب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومضى إلى هرقل وكان أحد المنافقين ، فقال المنافقون الذين بنوا مسجد الضرار : نبني هذا المسجد وننتظر أبا عامر حتى يجيء ويصلي فيه . والإرصاد : الانتظار . وقال غيره : الإرصاد الإعداد ، وكانوا قد قالوا نقضي فيه حاجتنا ولا يعاب علينا إذا خلونا ، ونرصده لأبي عامر حتى مجيئه من الشام أي : نعده ، قال الأزهري : وهذا صحيح من جهة اللغة . روى أبو عبيد عن الأصمعي والكسائي : رصدت فلانا أرصده إذا ترقبته . وأرصدت له شيئا أرصده : أعددت له . وفي حديث أبي ذر : قال له النبي - صلى الله عليه وسلم : ما أحب عندي مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ، وتمسي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده أي : أعده لدين ، يقال : أرصدته إذا قعدت له على طريقه ترقبه . وأرصدت له العقوبة إذا أعددتها له وحقيقته جعلتها له على طريقه كالمترقبة له ومنه الحديث : فأرصد الله على مدرجته ملكا أي : وكله بحفظ المدرجة [ ص: 161 ] وهي الطريق . وجعله رصدا أي : حافظا معدا . وفي حديث الحسن بن علي وذكر أباه فقال : ما خلف من دنياكم إلا ثلثمائة درهم كان أرصدها لشراء خادم . وروي عن ابن سيرين أنه قال : كانوا لا يرصدون الثمار في الدين وينبغي أن يرصد العين في الدين ، قال : وفسره ابن المبارك فقال : إذا كان على الرجل دين وعنده من العين مثله لم تجب الزكاة عليه ، وإن كان عليه دين وأخرجت أرضه ثمرة يجب فيها العشر لم يسقط العشر عنه من أجل ما عليه من الدين ، لاختلاف حكمهما وفيه خلاف . قال أبو بكر : قولهم فلان يرصد فلانا معناه يقعد له على طريقه . قال : والمرصد والمرصاد عند العرب الطريق ، قال الله - عز وجل - : واقعدوا لهم كل مرصد قال الفراء : معناه واقعدوا لهم على طريقهم إلى البيت الحرام ، وقيل : معناه أي : كونوا لهم رصدا لتأخذوهم في أي وجه توجهوا ، قال أبو منصور : على كل طريق ، وقال - عز وجل - : إن ربك لبالمرصاد معناه لبالطريق أي : بالطريق الذي ممرك عليه وقال عدي :


                                                          وإن المنايا للرجال بمرصد



                                                          وقال الزجاج : أي : يرصد من كفر به وصد عنه بالعذاب ، وقال ابن عرفة : أي : يرصد كل إنسان حتى يجازيه بفعله ، ابن الأنباري : المرصاد الموضع الذي ترصد الناس فيه كالمضمار الموضع الذي تضمر فيه الخيل من ميدان السباق ونحوه والمرصد : مثل المرصاد ، وجمعه المراصد ، وقيل : المرصاد المكان الذي يرصد فيه العدو . وقال الأعمش في قوله عز وجل : إن ربك لبالمرصاد قال : المرصاد ثلاثة جسور خلف الصراط : جسر عليه الأمانة ، وجسر عليه الرحم ، وجسر عليه الرب ، وقال تعالى : إن جهنم كانت مرصادا أي : ترصد الكفار . وفي التنزيل العزيز : فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا أي : إذا نزل الملك بالوحي أرسل الله معه رصدا يحفظون الملك من أن يأتي أحد من الجن فيستمع الوحي فيخبر به الكهنة ، ويخبروا به الناس فيساووا الأنبياء . والمرصد : كالرصد . والمرصاد والمرصد : موضع الرصد . ومراصد الحيات : مكامنها ، قال الهذلي :


                                                          أبا معقل لا يوطئنك بغاضتي     رءوس الأفاعي في مراصدها العرم



                                                          وليث رصيد : يرصد ليثب ، قال :


                                                          أسليم لم تعد أم رصيد أكلك



                                                          والرصد والرصد : المطر يأتي بعد المطر ، وقيل : هو المطر يقع أولا لما يأتي بعده ، وقيل : هو أول المطر . الأصمعي : من أسماء المطر الرصد . ابن الأعرابي : الرصد العهاد ترصد مطرا بعدها ، قال : فإن أصابها مطر فهو العشب ، واحدتها عهدة ، أراد : نبت العشب أو كان العشب . قال : وينبت البقل حينئذ مقترحا صلبا ، واحدته رصدة ورصدة ، الأخيرة عن ثعلب ، قال أبو عبيد : يقال قد كان قبل هذا المطر له رصدة والرصدة - بالفتح : الدفعة من المطر ، والجمع رصاد ، وتقول منه : رصدت الأرض ، فهي مرصودة . وقال أبو حنيفة : أرض مرصدة مطرت وهي ترجى لأن تنبت ، والرصد حينئذ : الرجاء لأنها ترجى كما ترجى الحائل . وجمع الرصد أرصاد . وأرض مرصودة ومرصدة : أصابتها الرصدة . وقال بعض أهل اللغة : لا يقال مرصودة ولا مرصدة ، إنما يقال أصابها رصد ورصد . وأرض مرصدة إذا كان بها شيء من رصد . ابن شميل : إذا مطرت الأرض في أول الشتاء فلا يقال لها مرت لأن بها حينئذ رصدا ، والرصد حينئذ الرجاء لها كما ترجى الحامل . ابن الأعرابي : الرصدة ترصد وليا من المطر . الجوهري : الرصد - بالتحريك - القليل من الكلإ والمطر . ابن سيده : الرصد القليل من الكلإ في أرض يرجى لها حيا الربيع . وأرض مرصدة : فيها رصد من الكلإ . ويقال : بها رصد من حيا . وقال عرام : الرصائد والوصائد مصايد تعد للسباع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية