الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رسس ]

                                                          رسس : رس بينهم يرس رسا : أصلح ، ورسست كذلك وفي حديث ابن الأكوع : إن المشركين راسونا للصلح وابتدأونا في ذلك ، هو من رسست بينهم أرس رسا أي : أصلحت ، وقيل : معناه فاتحونا ، من قولهم : بلغني رس من خبر أي : أوله ، ويروى : واسونا - بالواو - أي : اتفقوا معنا عليه والواو فيه بدل من همزة الأسوة . الصحاح : الرس الإصلاح بين الناس والإفساد ، أيضا وقد رسست بينهم وهو من الأضداد . والرس : ابتداء الشيء . ورس الحمى ورسيسها واحد : بدؤها وأول مسها ، وذلك إذا تمطى المحموم من أجلها وفتر جسمه وتختر . الأصمعي : أول ما يجد الإنسان مس الحمى قبل أن تأخذه وتظهر فذاك الرس والرسيس أيضا . قال الفراء : أخذته الحمى برس إذا ثبتت في عظامه . التهذيب : والرس في قوافي الشعر صرف الحرف الذي بعد ألف التأسيس نحو حركة عين فاعل في القافية كيفما تحركت حركتها جازت وكانت رسا للألف ، قال ابن سيده : الرس فتحة الحرف الذي قبل حرف التأسيس ، نحو قول امرئ القيس :


                                                          فدع عنك نهبا صيح في حجراته ولكن حديثا ما حديث الرواحل



                                                          ففتحة الواو هي الرس ولا يكون إلا فتحة وهي لازمة ، قال : هذا كله قول الأخفش ، وقد دفع أبو عمرو الجرمي اعتبار حال الرس وقال : لم يكن ينبغي أن يذكر ; لأنه لا يمكن أن يكون قبل الألف إلا فتحة فمتى جاءت الألف لم يكن من الفتحة بد ، قال ابن جني : والقول على صحة اعتبار هذه الفتحة وتسميتها إن ألف التأسيس لما كانت معتبرة مسماة ، وكانت الفتحة داعية إليها ومقتضية لها ومفارقة لسائر الفتحات التي لا ألف بعدها نحو قول وبيع وكعب وذرب وجمل وحبل ونحو ذلك ، خصت باسم لما ذكرنا ولأنها على كل حال لازمة في جميع القصيدة ، قال : ولا نعرف لازما في القافية إلا وهو مذكور مسمى بل إذا جاز أن نسمي في القافية ما ليس لازما أعني الدخيل فما هو لازم لا محالة أجدر وأحجى بوجوب التسمية له قال ابن جني : وقد نبه أبو الحسن على هذا المعنى الذي ذكرته من أنها لما كانت متقدمة للألف بعدها وأول لوازم للقافية ومبتدأها سماها الرس وذلك ; لأن الرس والرسيس أول الحمى الذي يؤذن بها ويدل على ورودها . ابن الأعرابي : الرسة السارية المحكمة . قال أبو مالك : رسيس الحمى أصلها ، قال ذو الرمة :


                                                          إذا غير النأي المحبين لم أجد     رسيس الهوى من ذكر مية يبرح



                                                          أي أثبته والرسيس : الشيء الثابت الذي قد لزم مكانه وأنشد :


                                                          رسيس الهوى من طول ما يتذكر



                                                          ورس الهوى في قلبه والسقم في جسمه رسا ورسيسا وأرس : دخل وثبت . ورس الحب ورسيسه : بقيته وأثره . ورس الحديث في نفسه يرسه رسا : حدثها به . وبلغني رس من خبر وذرء من خبر أي : طرف منه أو شيء منه . أبو زيد : أتانا رس من خبر ورسيس من خبر وهو الخبر الذي لم يصح . وهم يتراسون الخبر ويترهمسونه أي : يسرونه ، ومنه قول الحجاج للنعمان بن زرعة : أمن أهل الرس والرهمسة أنت ؟ قال : أهل الرس هم الذين يبتدئون الكذب ويوقعونه في أفواه الناس . وقال الزمخشري : هو من رس بين القوم أي : أفسد ، وأنشد أبو عمرو لابن مقبل يذكر الريح ولين هبوبها :


                                                          كأن خزامى عالج طرقت بها     شمال رسيس المس بل هي أطيب



                                                          قال : أراد أنها لينة الهبوب رخاء . ورس له الخبر : ذكره له ، قال أبو طالب :


                                                          هما أشركا في المجد من لا أبا له     من الناس إلا أن يرس له ذكر



                                                          أي : إلا أن يذكر ذكرا خفيا . المازني : الرس العلامة ، أرسست الشيء : جعلت له علامة . وقال أبو عمرو : الرسيس العاقل الفطن . ورس الشيء : نسيه لتقادم عهده ، قال :


                                                          يا خير من زان سروج الميس     قد رست الحاجات عند قيس
                                                          إذ لا يزال مولعا بليس



                                                          والرس : البئر القديمة أو المعدن ، والجمع رساس ، قال النابغة الجعدي :


                                                          تنابلة يحفرون الرساسا



                                                          ورسست رسا أي : حفرت بئرا . والرس : بئر لثمود ، وفي الصحاح : بئر كانت لبقية من ثمود . وقوله - عز وجل - : وأصحاب الرس قال الزجاج : يروى أن الرس ديار لطائفة من ثمود قال : ويروى أن الرس قرية باليمامة يقال لها فلج ، ويروى أنهم كذبوا نبيهم ورسوه في بئر أي : دسوه فيها حتى مات ، ويروى أن الرس بئر ، وكل بئر عند العرب رس ، ومنه قول النابغة :


                                                          تنابلة يحفرون الرساسا



                                                          ورس الميت أي : قبر . والرس والرسيس : واديان بنجد أو موضعان ، وقيل : هما ماءان في بلاد العرب معروفان ، الصحاح : والرس اسم واد في قول زهير :


                                                          بكرن بكورا واستحرن بسحرة     فهن ووادي الرس كاليد في الفم



                                                          قال ابن بري : ويروى لوادي الرس - باللام - والمعنى فيه أنهن لا يجاوزن هذا الوادي ولا يخطئنه ، كما لا تجاوز اليد الفم ولا تخطئه ، وأما قول زهير :


                                                          لمن طلل كالوحي عاف منازله     عفا الرس منها فالرسيس فعاقله



                                                          فهو اسم ماء . وعاقل : اسم جبل . والرسرسة : الرصرصة ، وهي تثبيت البعير ركبتيه في الأرض لينهض . ورسس البعير : تمكن للنهوض . ويقال : رسست ورصصت أي : أثبتت . ويروى عن النخعي أنه قال : إني لأسمع الحديث فأحدث به الخادم أرسه في نفسي . قال الأصمعي : الرس ابتداء الشيء ، ومنه رس الحمى [ ص: 151 ] ورسيسها حين تبدأ ، فأراد إبراهيم بقوله أرسه في نفسي أي : أثبته ، وقيل أي : أبتدئ بذكر الحديث ودرسه في نفسي وأحدث به خادمي أستذكر بذلك الحديث . وفلان يرس الحديث في نفسه أي : يحدث به نفسه . ورس فلان خبر القوم إذا لقيهم وتعرف أمورهم . قال أبو عبيدة : إنك لترس أمرا ما يلتئم أي : تثبت أمرا ما يلتئم ، وقيل : كنت أرسه في نفسي أي : أعاود ذكره وأردده ، ولم يرد ابتداءه . والرس : البئر المطوية بالحجارة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية