الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رزم ]

                                                          رزم : الرزمة - بالتحريك : ضرب من حنين الناقة على ولدها حين ترأمه ، وقيل : هو دون الحنين والحنين أشد من الرزمة . وفي المثل : لا خير في رزمة لا درة فيها ، ضرب مثلا لمن يظهر مودة ولا يحقق ، وقيل : لا جدوى معها ، وقد أرزمت على ولدها ، قال أبو محمد الحذلمي يصف الإبل :


                                                          تبين طيب النفس في إرزامها



                                                          يقول : تبين في حنينها أنها طيبة النفس فرحة . وأرزمت الشاة على ولدها : حنت . وأرزمت الناقة إرزاما ، وهو صوت تخرجه من حلقها لا تفتح به فاها . وفي الحديث : أن ناقته تلحلحت وأرزمت أي : صوتت . والإرزام : الصوت لا يفتح به الفم ، وقيل في المثل : رزمة ولا درة ، قال : يضرب لمن يعد ولا يفي ، ويقال : لا أفعل ذلك ما أرزمت أم حائل . ورزمة الصبي : صوته . وأرزم الرعد : اشتد صوته ، وقيل : هو صوت غير شديد ، وأصله من إرزام الناقة . ابن الأعرابي : الرزمة الصوت الشديد . ورزمة السباع : أصواتها . والرزيم : الزئير ، قال :


                                                          لأسودهن على الطريق رزيم



                                                          وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          تركوا عمران منجدلا     للسباع حوله رزمه



                                                          والإرزام : صوت الرعد ، وأنشد :


                                                          وعشية متجاوب إرزامها



                                                          شبه رزمة الرعد برزمة الناقة . وقال اللحياني : المرزم من الغيث والسحاب الذي لا ينقطع رعده ، وهو الرزم أيضا على النسب ، قالت امرأة من العرب ترثي أخاها :


                                                          جاد على قبرك غي     ث من سماء رزمه



                                                          وأرزمت الريح في جوفه كذلك . ورزم البعير يرزم ويرزم رزاما ورزوما : سقط من جوع أو مرض . وقال اللحياني : رزم البعير والرجل وغيرهما يرزم رزوما ورزاما إذا كان لا يقدر على النهوض رزاحا وهزالا . وقال مرة : الرازم الذي قد سقط فلا يقدر أن يتحرك من مكانه ، قال : وقيل لابنة الخس : هل يفلح البازل ؟ قالت : نعم وهو رازم ، الجوهري : الرازم من الإبل الثابت على الأرض الذي لا يقوم من الهزال . ورزمت الناقة ترزم وترزم رزوما ورزاما - بالضم - : قامت من الإعياء والهزال فلم تتحرك ، فهي رازم ، وفي حديث سليمان بن يسار : وكان فيهم رجل على ناقة له رازم أي : لا تتحرك من الهزال . وناقة رازم : ذات رزام كامرأة حائض . وفي حديث خزيمة في رواية الطبراني : تركت المخ رزاما ، قال ابن الأثير : إن صحت الرواية فتكون على حذف المضاف ، تقديره : تركت ذوات المخ رزاما ويكون " رزاما " جمع رازم ، وإبل رزمى . ورزم الرجل على قرنه إذا برك عليه . وأسد رزامة ورزام ورزم : يبرك على فريسته ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          يخشى عليهم من الأملاك نابخة     من النوابخ مثل الحادر الرزم



                                                          قالوا : أراد الفيل ، والحادر : الغليظ ، قال ابن بري : الذي في شعره الخادر ، بالخاء المعجمة ، وهو الأسد في خدره ، والنابخة : المتجبر ، والرزم : الذي قد رزم مكانه ، والضمير في يخشى يعود على ابن جعشم في البيت قبله ، وهو :


                                                          يهدي ابن جعشم للأنباء نحوهم     لا منتأى عن حياض الموت والحمم



                                                          والأسد يدعى رزما ; لأنه يرزم على فريسته . ويقال للثابت القائم على الأرض : رزم ، مثال هبع . ويقال : رجل مرزم للثابت على الأرض . والرزام من الرجال : الصعب المتشدد ، قال الراجز :


                                                          أيا بني عبد مناف الرزام     أنتم حماة وأبوكم حام
                                                          لا تسلموني لا يحل إسلام     لا تمنعوني فضلكم بعد العام



                                                          ويروى الرزام جمع رازم . الليث : الرزمة من الثياب ما شد في ثوب واحد ، وأصله في الإبل إذا رعت يوما خلة ويوما حمضا . قال ابن الأنباري : الرزمة في كلام العرب التي فيها ضروب من الثياب وأخلاط ، من قولهم رازم في أكله إذا خلط بعضا ببعض . والرزمة : الكارة من الثياب . وقد رزمتها ترزيما إذا شددتها رزما . ورزم الشيء يرزمه ويرزمه رزما ورزمه : جمعه في ثوب ، وهي الرزمة أيضا لما بقي في الجلة من التمر ، يكون نصفها أو ثلثها أو نحو ذلك . وفي حديث عمر : أنه أعطى رجلا جزائر وجعل غرائر عليهن فيهن من رزم من دقيق ، قال شمر : الرزمة قدر ثلث الغرارة أو ربعها من تمر أو دقيق ، قال زيد بن كثوة : القوس قدر ربع الجلة من التمر ، قال : ومثلها الرزمة . ورازم بين ضربين من الطعام ، ورازمت الإبل العام : رعت حمضا مرة وخلة مرة أخرى ، قال الراعي يخاطب ناقته :


                                                          كلي الحمض عام المقحمين ورازمي     إلى قابل ثم اعذري بعد قابل



                                                          معنى قوله ثم اعذري بعد قابل أي : أنتجع عليك بعد قابل فلا يكون لك ما تأكلين ، وقيل : اعذري إن لم يكن هنالك كلأ ، يهزأ بناقته في كل ذلك ، وقيل رازم بين الشيئين جمع بينهما يكون ذلك في الأكل وغيره . ورازمت الإبل إذا خلطت بين مرعيين . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : رازموا بين طعامكم فسره ثعلب فقال : معناه اذكروا الله بين كل لقمتين . وسئل ابن الأعرابي عن قوله في حديث عمر إذا أكلتم فرازموا ، قال : [ ص: 148 ] المرازمة الملازمة والمخالطة يريد موالاة الحمد ، قال : معناه اخلطوا الأكل بالشكر وقولوا بين اللقم الحمد لله ، وقيل : المرازمة أن تأكل اللين واليابس والحامض والحلو والجشب والمأدوم ، فكأنه قال : كلوا سائغا مع جشب غير سائغ ، قال ابن الأثير : أراد اخلطوا أكلكم لينا مع خشن وسائغا مع جشب ، وقيل : المرازمة في الأكل المعاقبة ، وهو أن يأكل يوما لحما ، ويوما لبنا ، ويوما تمرا ، ويوما خبزا قفارا . والمرازمة في الأكل : الموالاة كما يرازم الرجل بين الجراد والتمر . ورازم القوم دارهم : أطالوا الإقامة فيها . ورزم القوم ترزيما إذا ضربوا بأنفسهم لا يبرحون ، قال أبو المثلم :


                                                          مصاليت في يوم الهياج مطاعم     مضاريب في جنب الفئام المرزم



                                                          قال : المرزم الحذر الذي قد جرب الأشياء يترزم في الأمور ولا يثبت على أمر واحد لأنه حذر . وأكل الرزمة أي : الوجبة . ورزم الشتاء رزمة شديدة : برد ، فهو رازم ، وبه سمي نوء المرزم . أبو عبيد : المرزئم المقشعر المجتمع - الراء قبل الزاي - قال : الصواب المزرئم - الزاي قبل الراء - قال : هكذا رواه ابن جبلة ، وشك أبو زيد في المقشعر المجتمع أنه مزرئم أو مرزئم . والمرزمان : نجمان من نجوم المطر ، وقد يفرد ، أنشد اللحياني :


                                                          أعددت للمرزم والذراعين     فروا عكاظيا وأي خفين



                                                          أراد : وخفين أي خفين ، قال ابن كناسة : المرزمان نجمان وهما مع الشعريين ، فالذراع المقبوضة هي إحدى المرزمين ، ونظم الجوزاء أحد المرزمين ، ونظمهما كواكب معهما فهما مرزما الشعريين ، والشعريان نجماهما اللذان معهما الذراعان يكونان معهما . الجوهري : والمرزمان مرزما الشعريين ، وهما نجمان : أحدهما في الشعرى ، والآخر في الذراع . ومن أسماء الشمال أم مرزم ، مأخوذ من رزمة الناقة وهو حنينها إلى ولدها . وارزام الرجل ارزيماما إذا غضب . ورزام : أبو حي من تميم وهو رزام بن مالك بن حنظلة بن مالك بن عمرو بن تميم ، وقال الحصين بن الحمام المري :


                                                          ولولا رجال من رزام أعزة     وآل سبيع أو أسوءك علقما



                                                          أراد : أو أن أسوءك يا علقمة . ورزيمة : اسم امرأة ، قال :


                                                          ألا طرقت رزيمة بعد وهن     تخطى هول أنمار وأسد



                                                          وأبو رزمة وأم مرزم : الريح قال صخر الغي يعير أبا المثلم ببرد محله :


                                                          كأني أراه بالحلاءة شاتيا     يقشر أعلى أنفه أم مرزم



                                                          قال : يعني ريح الشمال ، وذكره ابن سيده أنه الريح ولم يقيده بشمال ولا غيره ، والحلاءة : موضع ، ورزم : موضع وقوله :


                                                          وخافت من جبال السغد نفسي     وخافت من جبال خوار رزم



                                                          قيل : إن خوارا مضاف إلى رزم ، وقيل : أراد خوارزم فزاد راء لإقامة الوزن . وفي ترجمة هزم : المهزام عصا قصيرة ، وهي المرزام ، وأنشد :


                                                          فشام فيها مثل مهزام العصا



                                                          أو الغضا ، ويروى : مثل مرزام .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية