الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رزق ]

                                                          رزق : الرازق والرزاق : في صفة الله تعالى ; لأنه يرزق الخلق أجمعين ، وهو الذي خلق الأرزاق وأعطى الخلائق أرزاقها وأوصلها إليهم ، وفعال من أبنية المبالغة . والرزق : معروف . والأرزاق نوعان : ظاهرة للأبدان كالأقوات ، وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم ، قال الله تعالى : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها . وأرزاق بني آدم مكتوبة مقدرة لهم ، وهي واصلة إليهم . قال الله تعالى : ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون يقول : بل أنا رازقهم ما خلقتهم إلا ليعبدون . وقال تعالى : إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين . يقال : رزق الخلق رزقا ورزقا ، فالرزق - بفتح الراء - هو المصدر الحقيقي . والرزق الاسم ، ويجوز أن يوضع موضع المصدر . ورزقه الله يرزقه رزقا حسنا : نعشه . والرزق ، على لفظ المصدر : ما رزقه إياه والجمع ، أرزاق . وقوله تعالى : ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا قيل : رزقا هاهنا مصدر ، فقوله شيئا على هذا منصوب ب ( رزقا ) وقيل : بل هو اسم فشيئا على هذا بدل من قوله رزقا . وفي حديث ابن مسعود : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى يبعث الملك إلى كل من اشتملت عليه رحم أمه فيقول له : اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ، فيختم له على ذلك . وقوله تعالى : وجد عندها رزقا قيل : هو عنب في غير حينه . وقوله تعالى : وأعتدنا لها رزقا كريما قال الزجاج : روي أنه رزق الجنة قال أبو الحسن : وأرى كرامته بقاءه وسلامته مما يلحق أرزاق الدنيا . وقوله تعالى : والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد انتصاب رزقا على وجهين : أحدهما على معنى رزقناهم رزقا لأن إنباته هذه الأشياء رزق ويجوز أن يكون مفعولا له ، المعنى : فأنبتنا هذه الأشياء للرزق . وارتزقه واسترزقه : طلب منه الرزق . ورجل مرزوق أي : مجدود ، وقول لبيد :


                                                          رزقت مرابيع النجوم وصابها ودق الرواعد : جودها فرهامها



                                                          جعل الرزق مطرا ; لأن الرزق عنه يكون . والرزق : ما ينتفع به والجمع الأرزاق . والرزق : العطاء وهو مصدر قولك رزقه الله قال ابن بري : شاهده قول عويف القوافي في عمر بن عبد العزيز :


                                                          سميت بالفاروق فافرق فرقه     وارزق عيال المسلمين رزقه



                                                          وفيه حذف مضاف تقديره سميت باسم الفاروق ، والاسم هو عمر ، والفاروق هو المسمى ، وقد يسمى المطر رزقا ، وذلك قوله تعالى : وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها . وقال تعالى : وفي السماء رزقكم وما توعدون قال مجاهد : هو المطر وهذا اتساع في اللغة كما يقال التمر في قعر القليب يعني به سقي النخل . وأرزاق الجند : أطماعهم وقد ارتزقوا . والرزقة بالفتح : المرة الواحدة ، والجمع الرزقات وهي أطماع الجند . وارتزق الجند : أخذوا أرزاقهم . وقوله تعالى : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون أي : شكر رزقكم مثل قولهم : مطرنا بنوء الثريا ، وهو كقوله ( عز وجل ) : واسأل القرية يعني أهلها . ورزق الأمير جنده فارتزقوا ارتزاقا ويقال : رزق الجند رزقة واحدة لا غير ورزقوا رزقتين أي : مرتين .

                                                          ابن بري : ويقال لتيس بني حمان أبو مرزوق ، قال الراجز :


                                                          أعددت للجار وللرفيق     والضيف والصاحب والصديق
                                                          وللعيال الدردق اللصوق     حمراء من نسل أبي مرزوق
                                                          تمسح خد الحالب الرفيق     بلبن المس قليل الريق



                                                          ورواه ابن الأعرابي :


                                                          حمراء من معز أبي مرزوق



                                                          والروازق : الجوارح من الكلاب والطير ورزق الطائر فرخه يرزقه رزقا كذلك ، قال الأعشى :


                                                          وكأنما تبع الصوار بشخصها     عجزاء ترزق بالسلي عيالها



                                                          والرازقية والرازقي : ثياب كتان بيض ، وقيل : كل ثوب رقيق رازقي ، وقيل : الرازقي الكتان نفسه ، قال لبيد يصف ظروف الخمر :


                                                          لها غلل من رازقي وكرسف     بأيمان عجم ينصفون المقاولا



                                                          [ ص: 147 ] أي : يخدمون الأقيال ، وأنشد ابن بري لعوف بن الخزع :


                                                          كأن الظباء بها والنعا     ج يكسين من رازقي شعارا



                                                          وفي حديث الجونية التي أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها قال : اكسها رازقيين ، وفي رواية : رازقيتين ، هي ثياب كتان بيض . والرازقي : الضعيف من كل شيء ، والرازقي : ضرب من عنب الطائف أبيض طويل الحب . التهذيب : العنب الرازقي هو الملاحي . ورزيق : اسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية