الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ردد ]

                                                          ردد : الرد : صرف الشيء ورجعه . والرد : مصدر رددت الشيء . ورده عن وجهه يرده ردا ومردا وتردادا : صرفه ، وهو بناء للتكثير ، قال ابن سيده : قال سيبويه هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فعلت فتلحق الزائد وتبنيه بناء آخر ، كما أنك قلت في فعلت فعلت حين كثرت الفعل ، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التفعال كالترداد والتلعاب والتهذار والتصفاق والتقتال والتسيار وأخواتها ، قال : وليس شيئا من هذا مصدر أفعلت ، ولكن لما أردت التكثير بنيت المصدر على هذا ، كما بنيت فعلت على فعلت . والمرد : كالرد . وارتده : كرده ، قال مليح :


                                                          بعزم كوقع السيف لا يستقله ضعيف ولا يرتده الدهر عاذل



                                                          ورده عن الأمر ولده أي : صرفه عنه برفق . وأمر الله لا مرد له ، وفي التنزيل العزيز : فلا مرد له وفيه : ( يوم لا مرد له ) قال ثعلب : يعني يوم القيامة لأنه شيء لا يرد . وفي حديث عائشة : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد أي : مردود عليه . يقال : أمر رد إذا كان مخالفا لما [ ص: 133 ] عليه السنة ، وهو مصدر وصف به . وشيء رديد : مردود ، قال :


                                                          فتى لم تلده بنت عم قريبة     فيضوى وقد يضوى رديد الغرائب



                                                          وقد ارتد وارتد عنه : تحول . وفي التنزيل : من يرتدد منكم عن دينه والاسم الردة ، ومنه الردة عن الإسلام ، أي : الرجوع عنه . وارتد فلان عن دينه إذا كفر بعد إسلامه ، ورد عليه الشيء إذا لم يقبله ، وكذلك إذا خطأه . وتقول : رده إلى منزله ، ورد إليه جوابا أي : رجع . والردة ، بالكسر : مصدر قولك رده يرده ردا وردة . والردة : الاسم من الارتداد . وفي حديث القيامة والحوض فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم أي : متخلفين عن بعض الواجبات . قال : ولم يرد ردة الكفر ولهذا قيده بأعقابهم لأنه لم يرتد أحد من الصحابة بعده ، إنما ارتد قوم من جفاة الأعراب . واسترد الشيء وارتده : طلب رده عليه ، قال كثير عزة :


                                                          وما صحبتي عبد العزيز ومدحتي     بعارية يرتدها من يعيرها



                                                          والاسم : الرداد والرداد قال الأخطل :


                                                          وما كل مغبون ولو سلف صفقة     يراجع ما قد فاته برداد



                                                          ويروى بالوجهين جميعا ، وردود الدراهم : ما رد ، واحدها رد ، وهو ما زيف فرد على ناقده بعدما أخذ منه ، وكل ما رد بغير أخذ : رد . والرد : ما كان عمادا للشيء يدفعه ويرده ، قال :


                                                          يا رب أدعوك إلها فردا     فكن له من البلايا ردا



                                                          أي معقلا يرد عنه البلاء . والرد : الكهف عن كراع . وقوله تعالى : فأرسله معي ردءا يصدقني فيمن قرأ به يجوز أن يكون من الاعتماد ومن الكهف ، وأن يكون على اعتقاد التثقيل ، في الوقف بعد تخفيف الهمز . ويقال : وهب هبة ثم ارتدها أي : استردها . وفي الحديث : أسألك إيمانا لا يرتد أي : لا يرجع . والمردودة : المطلقة وكله من الرد . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لسراقة بن جعشم : ألا أدلك على أفضل الصدقة ؟ ابنتك مردودة عليك ليس لها كاسب غيرك ، أراد أنها مطلقة من زوجها فترد إلى بيت أبيها فأنفق عليها ، وأراد : ألا أدلك على أفضل أهل الصدقة فحذف المضاف . وفي حديث الزبير في دار له وقفها فكتب : وللمردودة من بناتي أن تسكنها ، لأن المطلقة لا مسكن لها على زوجها . وقال أبو عمرو : الردى المرأة المردودة المطلقة . والمردودة : الموسى لأنها ترد في نصابها . والمردود : الرد ، وهو مصدر مثل المحلوف والمعقول ، قال الشاعر :


                                                          لا يعدم السائلون الخير أفعله     إما نوالا وإما حسن مردود



                                                          وقوله في الحديث : ردوا السائل ولو بظلف محرق أي : أعطوه ولو ظلفا محرقا . ولم يرد رد الحرمان والمنع كقولك سلم فرد عليه أي : أجابه ، وفي حديث آخر : لا تردوا السائل ولو بظلف أي : لا تردوه رد حرمان بلا شيء ولو أنه ظلف ، وقول عروة بن الورد :


                                                          وزود خيرا مالكا إن مالكا     له ردة فينا إذا القوم زهد



                                                          قال شمر : الردة العطفة عليهم والرغبة فيهم . وردده ترديدا وتردادا فتردد . ورجل مردد : حائر بائر . وفي حديث الفتن : ويكون عند ذلكم القتال ردة شديدة ، وهو بالفتح ، أي : عطفة قوية . وبحر مرد أي : كثير الموج . ورجل مرد أي : شبق . والارتداد : الرجوع ، ومنه المرتد . واسترده الشيء : سأله أن يرده عليه . والرديدى : الرد . وتردد وتراد : تراجع . وما فيه رديدى ، أي : احتباس ولا ترداد . وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : لا رديدى في الصدقة ، يقول لا ترد ، المعنى أن الصدقة لا تؤخذ في السنة مرتين لقوله - عليه السلام - : لا ثنى في الصدقة . أبو عبيد : الرديدى من الرد في الشيء . ورديدى ، بالكسر والتشديد والقصر : مصدر من رد يرد كالقتيتى والخصيصى . والرد : الظهر والحمولة من الإبل ، قال أبو منصور : سميت ردا لأنها ترد من مرتعها إلى الدار يوم الظعن ، قال زهير :


                                                          رد القيان جمال الحي     فاحتملوا إلى الظهيرة أمر بينهم لبك



                                                          وراده الشيء أي : رده عليه . وهما يترادان البيع : من الرد والفسخ . وهذا الأمر أرد عليه أي : أنفع له . وهذا الأمر لا رادة له أي : لا فائدة له ولا رجوع . وفي حديث أبي إدريس الخولاني : قال لمعاوية إن كان داوى مرضاها ورد أولاها على أخراها أي : إذا تقدمت أوائلها وتباعدت عن الأواخر لم يدعها تتفرق ، ولكن يحبس المتقدمة‌‌ حتى تصل إليها المتأخرة . ورجل متردد : مجتمع قصير ليس بسبط الخلق . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم : ليس بالطويل البائن ، ولا القصير المتردد أي : المتناهي في القصر ، كأنه تردد بعض خلقه على بعض ، وتداخلت أجزاؤه . وعضو رديد : مكتنز مجتمع ، قال أبو خراش :


                                                          تخاطفه الحتوف فهو جون     كناز اللحم فائله رديد



                                                          والردد والردة : أن تشرب الإبل الماء عللا فترتد الألبان في ضروعها . وكل حامل دنت ولادتها فعظم بطنها وضرعها : مرد . والردة : أن يشرق ضرع الناقة ويقع فيه اللبن ، وقد أردت . الكسائي : ناقة مرمد على مثال مكرم ، ومرد مثال مقل ، إذا أشرق ضرعها ووقع فيه اللبن . وأردت الناقة : بركت على ندى فورم ضرعها وحياؤها ، وقيل : هو ورم الحياء من الضبعة ، وقيل : أردت الناقة وهي مرد ورمت أرفاغها وحياؤها من شرب الماء . والردد والردة : ورم يصيبها في أخلافها ، وقيل : ورمها من الحفل . الجوهري : الردة ، امتلاء الضرع من اللبن قبل النتاج ، عن الأصمعي ، وأنشد لأبي النجم :


                                                          تمشي من الردة . مشي الحفل     مشي الروايا بالمزاد المثقل



                                                          ويروى بالمزاد الأثقل ، وتقول منه : أردت الشاة وغيرها ، فهي مرد أذا أضرعت . وناقة مرد إذا شربت الماء فورم ضرعها وحياؤها من كثرة [ ص: 134 ] الشرب . يقال : نوق مراد ، وكذلك الجمال إذا أكثرت من الماء فثقلت . ورجل مرد إذا طالت عزبته فتراد الماء في ظهره . ويقال : بحر مرد أي : كثير الماء ; قال الشاعر :


                                                          ركب البحر إلى البحر إلى     غمرات الموت ذي الموج المرد



                                                          وأرد البحر : كثرت أمواجه وهاج . وجاء فلان مرد الوجه أي : غضبان . وأرد الرجل : انتفخ غضبا ، حكاه صاحب الألفاظ ، قال أبو الحسن : وفي بعض النسخ اربد . والردة : البقية ، قال أبو صخر الهذلي :


                                                          إذا لم يكن بين الحبيبين ردة     سوى ذكر شيء قد مضى درس الذكر



                                                          والردة : تقاعس في الذقن إذا كان في الوجه بعض القباحة ، ويعتريه شيء من جمال ، وقال ابن دريد :


                                                          في وجهه قبح وفيه ردة



                                                          أي : عيب . وشيء رد أي : رديء . ابن الأعرابي : يقال للإنسان إذا كان فيه عيب : فيه نظرة وردة ، وخبلة ، وقال أبو ليلى : في فلان ردة أي : يرتد البصر عنه من قبحه ; قال : وفيه نظرة أي : قبح . الليث : يقال للمرأة إذا اعتراها شيء من خبال وفي وجهها شيء من قباحة : هي جميلة ولكن في وجهها بعض الردة . وفي لسانه رد أي : حبسة . وفي وجهه ردة أي : قبح مع شيء من الجمال . ابن الأعرابي : الردد ، القباح من الناس . يقال : في وجهه ردة وهو راد . ورداد : اسم رجل ، وقيل : اسم رجل كان مجبرا نسب إليه المجبرون ، فكل مجبر يقال له رداد . ورئي رجل يوم الكلاب يشد على قوم ويقول : أنا أبو شداد ، ثم يرد عليهم ويقول : أنا أبو رداد . ورجل مرد : كثير الرد والكر ، قال أبو ذؤيب :


                                                          مرد قد نرى ما كان منه     ولكن إنما يدعى النجيب



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية