الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب إضراب انتقالي إلى رد يأتي على جميع مزاعمهم ويشمل بإجماله جميع النقوض التفصيلية لمزاعمهم بكلمة جامعة كالحوصلة ، فيشبه التذييل لما يتضمنه من عموم الملك وعموم الأماكن المقتضي عموم العلم وعموم التصرف ، ينعى عليهم قولهم في المغيبات بلا علم ، وتحكمهم في مراتب الموجودات بدون قدرة ولا غنى .

[ ص: 217 ] والاستفهام المقدر بعد ( أم ) المنقطعة تهكمي وليس إنكاريا لأن تفريع أمر التعجيز عليه يعين أنه تهكمي .

فالمعنى : إن كان لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فكان لهم شيء من ذلك فليصعدوا إن استطاعوا في أسباب السماوات ليخبروا حقائق الأشياء فيتكلموا عن علم في كنه الإله وصفاته ، وفي إمكان البعث وعدمه ، وفي صدق الرسول صلى الله عليه وسلم أو ضده ، وليفتحوا خزائن الرحمة فيفيضوا منها على من يعجبهم ويحرموا من لا يرمقونه بعين استحسان .

والأمر في " فليرتقوا " للتعجيز مثل قوله فليمدد بسبب إلى السماء .

والتعريف في الأسباب لعهد الجنس لأن المعروف أن لكل محل مرتفع أسبابا يصعد بها إليه كقول زهير :


ومن هاب أسباب المنايا ينلنه وإن يرق أسباب السماء بسلم

وقول الأعشى :


فلو كنت في حب ثمانين قامة     ورقيت أسباب السماء بسلم

والسبب : الحبل الذي يتعلق به الصاعد إلى النخلة للجذاذ ، فإن جعل من حبلين ووصل بين الحبلين بحبال معترضة مشدودة أو بأعواد بين الحبلين مضفور عليها جنبتا الحبلين فهو السلم .

وحرف الظرفية استعارة تبعية للتمكن من الأسباب حتى كأنها ظروف محيطة بالمرتقين .

التالي السابق


الخدمات العلمية