الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رحب ]

                                                          رحب : الرحب - بالضم - : السعة . رحب الشيء رحبا ورحابة ، فهو رحب ورحيب ورحاب ، وأرحب : اتسع . وأرحبت الشيء : وسعته . قال الحجاج ، حين قتل ابن القرية : أرحب يا غلام جرحه ! وقيل للخيل : أرحب ، وأرحبي أي : توسعي وتباعدي وتنحي ، زجر لها ، قال الكميت بن معروف :


                                                          نعلمها هبي وهلا وأرحب وفي أبياتنا ولنا افتلينا



                                                          وقالوا : رحبت عليك وطلت أي : رحبت البلاد عليك وطلت . وقال أبو إسحاق : رحبت بلادك وطلت أي : اتسعت وأصابها الطل . وفي حديث ابن زمل : على طريق رحب أي : واسع ، ورجل رحب الصدر ، ورحب الصدر ورحيب الجوف : واسعهما . وفلان رحيب الصدر أي : واسع الصدر ، وفي حديث ابن عوف - رضي الله عنه - : قلدوا أمركم رحب الذراع أي : واسع القوة عند الشدائد . ورحبت الدار وأرحبت بمعنى أي : اتسعت . وامرأة رحاب أي : واسعة . والرحب - بالفتح - والرحيب : الشيء الواسع ، تقول منه : بلد رحب ، وأرض رحبة ، الأزهري : ذهب الفراء إلى أنه يقال بلد رحب ، وبلاد رحبة ، كما يقال بلد سهل ، وبلاد سهلة وقد رحبت ، ترحب ورحب يرحب رحبا ورحابة ، ورحبت رحبا ، قال الأزهري : وأرحبت ، لغة بذلك المعنى . وقدر رحاب أي : واسعة . وقول الله - عز وجل : ضاقت عليهم الأرض بما رحبت أي : على رحبها وسعتها . وفي حديث كعب بن مالك : فنحن كما قال الله تعالى : ضاقت عليهم الأرض بما رحبت . وأرض رحيبة : واسعة . ابن الأعرابي : والرحبة ما اتسع من الأرض وجمعها رحب ، مثل قرية وقرى ، قال الأزهري : وهذا يجيء شاذا في باب الناقص ، فأما السالم فما سمعت فعلة جمعت على فعل ، قال : وابن الأعرابي ثقة لا يقول إلا ما قد سمعه . وقولهم في تحية الوارد : أهلا ومرحبا أي : صادفت أهلا ومرحبا . وقالوا : مرحبك الله ومسهلك . وقولهم : مرحبا وأهلا أي : أتيت سعة وأتيت أهلا ، فاستأنس ولا تستوحش . وقال الليث : معنى قول العرب مرحبا : انزل في الرحب والسعة ، وأقم فلك عندنا ذلك . وسئل الخليل عن نصب مرحبا ، فقال : فيه كمين الفعل أراد : به انزل أو أقم ، فنصب بفعل مضمر ، فلما عرف معناه المراد به أميت الفعل . قال الأزهري وقال غيره في قولهم مرحبا : أتيت أو لقيت رحبا وسعة لا ضيقا ، وكذلك إذا قال : سهلا أراد : نزلت بلدا سهلا ، لا حزنا غليظا . شمر : سمعت [ ص: 120 ] ابن الأعرابي يقول : مرحبك الله ومسهلك ! ومرحبا بك الله ومسهلا بك الله ! وتقول العرب : لا مرحبا بك ! أي : لا رحبت عليك بلادك ! قال : وهي من المصادر التي تقع في الدعاء ، للرجل وعليه ، نحو سقيا ورعيا وجدعا وعقرا يريدون سقاك الله ورعاك الله ، وقال الفراء : معناه رحب الله بك مرحبا ، كأنه وضع موضع الترحيب . ورحب بالرجل ترحيبا : قال له مرحبا ، ورحب به دعاه إلى الرحب والسعة . وفي الحديث : قال لخزيمة بن حكيم : مرحبا ، أي : لقيت رحبا وسعة ، وقيل : معناه رحب الله بك مرحبا ، فجعل المرحب موضع الترحيب . ورحبة المسجد والدار ، بالتحريك : ساحتهما ومتسعهما . قال سيبويه : رحبة ورحاب ، كرقبة ورقاب ، ورحب ورحبات . الأزهري قال الفراء : يقال للصحراء بين أفنية القوم والمسجد : رحبة ورحبة ، وسميت الرحبة رحبة ، لسعتها بما رحبت أي : بما اتسعت . يقال : منزل رحيب ورحب . ورحاب الوادي : مسايل الماء من جانبيه فيه ، واحدتها رحبة . ورحبة الثمام : مجتمعه ومنبته . ورحائب التخوم : سعة أقطار الأرض . والرحبة : موضع العنب ، بمنزلة الجرين للتمر ، وكله من الاتساع . وقال أبو حنيفة : الرحبة والرحبة ، والتثقيل أكثر : أرض واسعة منبات ، محلال . وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سيار : أرحبكم الدخول في طاعة ابن الكرماني أي : أوسعكم ، فعدى فعل ، وليست متعدية عند النحويين إلا أن أبا علي الفارسي حكى أن هذيلا تعديها إذا كانت قابلة للتعدي بمعناها ، كقوله :


                                                          ولم تبصر العين فيها كلابا



                                                          قال في الصحاح : لم يجئ في الصحيح فعل - بضم العين - متعديا غير هذا . وأما المعتل فقد اختلفوا فيه ، قال الكسائي : أصل قلته قولته ، وقال سيبويه : لا يجوز ذلك ، لأنه لا يتعدى ، وليس كذلك طلته ألا ترى أنك تقول طويل ؟ الأزهري قال الليث : هذه كلمة شاذة على فعل مجاوز ، وفعل لا يكون مجاوزا أبدا . قال الأزهري : لا يجوز رحبكم عند النحويين ، ونصر ليس بحجة . والرحبى على بناء فعلى : أعرض ضلع في الصدر ، وإنما يكون الناحز في الرحبيين ، وهما مرجعا المرفقين . والرحبيان : الضلعان اللتان تليان الإبطين في أعلى الأضلاع ، وقيل : هما مرجعا المرفقين واحدهما رحبى . وقيل : الرحبى ما بين مغرز العنق إلى منقطع الشراسيف ، وقيل : هي ما بين ضلعي أصل العنق إلى مرجع الكتف . والرحبى : سمة تسم بها العرب على جنب البعير . والرحيباء من الفرس : أعلى الكشحين ، وهما رحيباوان . الأزهري : الرحبى منبض القلب من الدواب والإنسان أي : مكان نبض قلبه وخفقانه . ورحبة مالك بن طوق : مدينة أحدثها مالك على شاطئ الفرات . ورحابة : موضع معروف . ابن شميل : الرحاب في الأودية ، الواحدة رحبة ، وهي مواضع متواطئة يستنقع فيها الماء ، وهي أسرع الأرض نباتا ، تكون عند منتهى الوادي ، وفي وسطه وقد تكون في المكان المشرف ، يستنقع فيها الماء وما حولها مشرف عليها ، وإذا كانت في الأرض المستوية نزلها الناس ، وإذا كانت في بطن المسايل لم ينزلها الناس ، فإذا كانت في بطن الوادي ، فهي أقنة أي : حفرة تمسك الماء ، ليست بالقعيرة جدا ، وسعتها قدر غلوة ، والناس ينزلون ناحية منها ، ولا تكون الرحاب في الرمل ، وتكون في بطون الأرض ، وفي ظواهرها . وبنو رحبة : بطن من حمير . وبنو رحب بطن من همدان . وأرحب : قبيلة من همدان . وبنو أرحب : بطن من همدان إليهم تنسب النجائب الأرحبية . قال الكميت ، شاهدا على القبيلة بني أرحب :


                                                          يقولون لم يورث ولولا تراثه     لقد شركت فيه بكيل وأرحب



                                                          الليث : أرحب حي ، أو موضع ينسب إليه النجائب الأرحبية ، قال الأزهري : ويحتمل أن يكون أرحب فحلا تنسب إليه النجائب ، لأنها من نسله . والرحيب : الأكول . ومرحب : اسم . ومرحب : فرس عبد الله بن عبد . والرحابة : أطم بالمدينة ، وقول النابغة الجعدي :


                                                          وبعض الأخلاء عند البلا     ء والرزء أروغ من ثعلب
                                                          وكيف تواصل من أصبحت     خلالته كأبي مرحب ؟



                                                          أراد كخلالة أبي مرحب ، يعني به الظل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية