الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رجع ]

                                                          رجع : رجع يرجع رجعا ورجوعا ورجعى ورجعانا ومرجعا ومرجعة : انصرف . وفي التنزيل : إن إلى ربك الرجعى أي : الرجوع والمرجع ، مصدر على فعلى ، وفيه : إلى الله مرجعكم جميعا أي : رجوعكم ; حكاه سيبويه فيما جاء من المصادر التي من فعل يفعل على مفعل ، بالكسر ، ولا يجوز أن يكون هاهنا اسم المكان لأنه قد تعدى بإلى ، وانتصبت عنه الحال ، واسم المكان لا يتعدى بحرف ولا تنتصب عنه الحال إلا أن جملة الباب في فعل يفعل أن يكون المصدر على مفعل ، بفتح العين . وراجع الشيء ورجع إليه ، عن ابن جني ، ورجعته أرجعه رجعا ومرجعا ومرجعا وأرجعته ، في لغة هذيل ، قال : وحكى أبو زيد عن الضبيين أنهم قرؤوا : ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ) ، وقوله - عز وجل - قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا يعني العبد إذا بعث يوم القيامة وأبصر وعرف ما كان ينكره في الدنيا يقول لربه : ارجعون أي : ردوني إلى الدنيا ، وقوله ارجعون واقع هاهنا ويكون لازما كقوله تعالى : ولما رجع موسى إلى قومه ومصدره لازما الرجوع ، ومصدره واقعا الرجع . يقال : رجعته رجعا فرجع رجوعا يستوي فيه لفظ اللازم والواقع . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : من كان له مال يبلغه حج بيت الله أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت أي : سأل أن يرد إلى الدنيا ليحسن العمل ويستدرك ما فات . والرجعة : مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم ، ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء ، يقولون : إن الميت يرجع إلى الدنيا ويكون فيها حيا كما كان ، ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون : إن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - مستتر في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء : اخرج مع فلان ، قال : ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت يريد الكفار وقوله تعالى : لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون قال : لعلهم يرجعون أي : يردون البضاعة لأنها ثمن ما اكتالوا وأنهم لا يأخذون شيئا إلا بثمنه ، وقيل : يرجعون إلينا إذا علموا أن ما كيل لهم من الطعام ثمنه يعني رد إليهم ثمنه ، ويدل على هذا القول قوله : فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ياأبانا منع منا الكيل فأرسل . وفي الحديث : أنه نفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث ; أراد بالرجعة عود طائفة من الغزاة إلى الغزو بعد قفولهم فينفلهم الثلث من الغنيمة لأن نهوضهم بعد القفول أشق والخطر فيه أعظم . والرجعة : المرة من الرجوع . وفي حديث السحور : فإنه يؤذن بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ; القائم : هو الذي يصلي صلاة الليل . ورجوعه عوده إلى نومه أو قعوده عن صلاته إذا سمع الأذان ، ورجع فعل قاصر ومتعد ، تقول : رجع زيد ورجعته أنا ، وهو هاهنا متعد ليزاوج يوقظ ، وقوله تعالى : إنه على رجعه لقادر قيل : إنه على رجع الماء إلى الإحليل ، وقيل إلى الصلب ، وقيل إلى صلب الرجل وتريبة المرأة ، وقيل على إعادته حيا بعد موته وبلاه لأنه المبدئ المعيد سبحانه وتعالى ، وقيل على بعث الإنسان يوم القيامة ، وهذا يقويه : يوم تبلى السرائر أي : قادر على بعثه يوم القيامة ، والله سبحانه أعلم بما أراد . ويقال : أرجع الله همه سرورا أي أبدل همه سرورا . وحكى سيبويه : رجعه وأرجعه ناقته باعها منه ثم أعطاه إياها ليرجع عليها ، هذه عن اللحياني : وتراجع القوم : رجعوا إلى محلهم . ورجع الرجل وترجع : ردد صوته في قراءة أو أذان أو غناء أو زمر أو غير ذلك مما يترنم به . والترجيع في الأذان : أن يكرر قوله : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله . وترجيع الصوت : ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان . وفي صفة قراءته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح : أنه كان يرجع ; الترجيع : ترديد القراءة ، ومنه ترجيع الأذان ، وقيل : هو تقارب ضروب الحركات في الصوت ، وقد حكى عبد الله بن مغفل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو آء آء آء . قال ابن الأثير : وهذا إنما حصل منه ، والله أعلم ، يوم الفتح لأنه كان راكبا فجعلت الناقة تحركه وتنزيه فحدث الترجيع في صوته ، وفي حديث آخر : غير أنه كان لا يرجع ، ووجهه أنه لم يكن حينئذ راكبا فلم يحدث في قراءته الترجيع . ورجع البعير في شقشقته : هدر . ورجعت الناقة في حنينها : قطعته ، ورجع الحمام في غنائه واسترجع كذلك . ورجعت القوس : صوتت ; عن أبي حنيفة : ورجع النقش والوشم والكتابة : ردد خطوطها ، وترجيعها أن يعاد عليها السواد مرة بعد أخرى . يقال : رجع النقش والوشم ردد خطوطهما . ورجع الواشمة : خطها ; ومنه قول لبيد :


                                                          أو رجع واشمة أسف نؤورها كففا تعرض فوقهن وشامها



                                                          وقال الشاعر :


                                                          كترجيع وشم في يدي حارثية     يمانية الأسداف باق نؤورها



                                                          وقول زهير :


                                                          مراجيع وشم في نواشر معصم



                                                          هو جمع المرجوع وهو الذي أعيد سواده . ورجع إليه : كر . ورجع عليه وارتجع : كرجع . وارتجع على الغريم والمتهم : طالبه . وارتجع إلي الأمر : رده إلي ; أنشد ثعلب :


                                                          أمرتجع لي مثل أيام حمة     وأيام ذي قار علي الرواجع ؟



                                                          وارتجع المرأة وراجعها مراجعة ورجاعا : رجعها إلى نفسه بعد الطلاق ، والاسم الرجعة والرجعة . يقال : طلق فلان فلانة طلاقا يملك فيه الرجعة ، والرجعة ، والفتح أفصح ، وأما قول ذي الرمة يصف [ ص: 108 ] نساء تجللن بجلابيبهن :


                                                          كأن الرقاق الملحمات ارتجعنها     على حنوة القريان ذات الهمائم



                                                          أراد أنهن رددنها على وجوه ناضرة ناعمة كالرياض . والرجعى والرجيع من الدواب ، وقيل من الدواب ومن الإبل : ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكال ، والأنثى رجيع ورجيعة ، قال جرير :


                                                          إذا بلغت رحلي رجيع أملها     نزولي بالموماة ثم ارتحاليا



                                                          وقال ذو الرمة يصف ناقة :


                                                          رجيعة أسفار كأن زمامها     شجاع لدى يسرى الذراعين مطرق



                                                          وجمعهما معا رجائع ، قال معن بن أوس المزني :


                                                          على حين ما بي من رياض لصعبة     وبرح بي أنقاضهن الرجائع



                                                          كنى بذلك عن النساء أي : أنهن لا يواصلنه لكبره ، واستشهد الأزهري بعجز هذا البيت وقال : قال ابن السكيت : الرجيعة بعير ارتجعته أي : اشتريته من أجلاب الناس ليس من البلد الذي هو به ، وهي الرجائع ، وأنشد :


                                                          وبرح بي أنقاضهن الرجائع



                                                          وراجعت الناقة رجاعا إذا كانت في ضرب من السير فرجعت إلى سير سواه ، قال البعيث يصف ناقته :


                                                          وطول ارتماء البيد بالبيد تعتلي     بها ناقتي تختب ثم تراجع



                                                          وسفر رجيع : مرجوع فيه مرارا ، عن ابن الأعرابي . ويقال للإياب في السفر : سفر رجيع ، قال القحيف :


                                                          وأسقي فتية ومنفهات     أضر بنقيها سفر رجيع



                                                          وفلان رجع سفر ورجيع سفر . ويقال : جعلها الله سفرة مرجعة . والمرجعة : التي لها ثواب وعاقبة حسنة . والرجع : الغرس يكون في بطن المرأة يخرج على رأس الصبي . والرجاع : ما وقع على أنف البعير من خطامه . ويقال : رجع فلان على أنف بعيره إذا انفسخ خطمه فرده عليه ، ثم يسمى الخطام رجاعا . وراجعه الكلام مراجعة ورجاعا : حاوره إياه . وما أرجع إليه كلاما أي : ما أجابه . وقوله تعالى : يرجع بعضهم إلى بعض القول أي : يتلاومون . والمراجعة : المعاودة . والرجيع من الكلام : المردود إلى صاحبه . والرجع والرجيع : النجو والروث وذو البطن ; لأنه رجع عن حاله التي كان عليها . وقد أرجع الرجل . وهذا رجيع السبع ورجعه أيضا يعني نجوه . وفي الحديث : أنه نهى أن يستنجى برجيع أو عظم ، الرجيع يكون الروث والعذرة جميعا ، وإنما سمي رجيعا ; لأنه رجع عن حاله الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا أو غير ذلك . وأرجع من الرجيع إذا أنجى . والرجيع : الجرة لرجعه لها إلى الأكل ، قال حميد بن ثور الهلالي يصف إبلا تردد جرتها :


                                                          رددن رجيع الفرث حتى كأنه     حصى إثمد بين الصلاء سحيق



                                                          وبه فسر ابن الأعرابي قول الراجز :


                                                          يمشين بالأحمال مشي الغيلان     فاستقبلت ليلة خمس حنان
                                                          تعتل فيه برجيع العيدان



                                                          وكل شيء مردد من قول أو فعل ، فهو رجيع ; لأن معناه مرجوع أي : مردود ، ومنها سموا الجرة رجيعا ، قال الأعشى :


                                                          وفلاة كأنها ظهر ترس     ليس إلا الرجيع فيها علاق



                                                          يقول لا تجد الإبل فيها علقا إلا ما تردده من جرتها . الكسائي : أرجعت الإبل إذا هزلت ثم سمنت . وفي التهذيب : قال الكسائي إذا هزلت الناقة قيل أرجعت . وأرجعت الناقة ، فهي مرجع : حسنت بعد الهزال . وتقول : أرجعتك ناقة إرجاعا أي : أعطيتكها لترجع عليها كما تقول أسقيتك إهابا . والرجيع : الشواء يسخن ثانية ، عن الأصمعي وقيل : كل ما ردد فهو رجيع ، وكل طعام برد فأعيد على النار فهو رجيع . وحبل رجيع : نقض ثم أعيد فتله ، وقيل : كل ما ثنيته فهو رجيع . ورجيع القول : المكروه . وترجع الرجل عند المصيبة واسترجع : قال إنا لله وإنا إليه راجعون . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما : أنه حين نعي له قثم استرجع أي : قال إنا لله وإنا إليه راجعون ، وكذلك الترجيع ، قال جرير :


                                                          ورجعت من عرفان دار كأنها     بقية وشم في متون الأشاجع



                                                          واسترجعت منه الشيء إذا أخذت منه ما دفعته إليه والرجع : رد الدابة يديها في السير ونحوه خطوها . والرجع : الخطو . وترجيع الدابة يديها في السير : رجعها ، قال أبو ذؤيب الهذلي :


                                                          يعدو به نهش المشاش كأنه     صدع سليم رجعه لا يظلع



                                                          نهش المشاش : خفيف القوائم ، وصفه بالمصدر ، وأراد نهش القوائم أو منهوش القوائم . وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه أنه قال للجلاد : اضرب وارجع يدك ، قيل : معناه أن لا يرفع يده إذا أراد الضرب كأنه كان قد رفع يده عند الضرب فقال : ارجعها إلى موضعها . ورجع الجواب ورجع الرشق في الرمي : ما يرد عليه . الرواجع : الرياح المختلفة لمجيئها وذهابها . والرجع والرجعى والرجعان والمرجوعة والمرجوع : جواب الرسالة ، قال يصف الدار :


                                                          سألتها عن ذاك فاستعجمت     لم تدر ما مرجوعة السائل



                                                          ورجعان الكتاب : جوابه . يقال : رجع إلي الجواب يرجع رجعا ورجعانا . وتقول : أرسلت إليك فما جاءني رجعى رسالتي أي : مرجوعها ، وقولهم : هل جاء رجعة كتابك ورجعانه أي : جوابه ، [ ص: 109 ] ويجوز رجعة بالفتح . ويقال : ما كان من مرجوع أمر فلان عليك أي : من مردوده وجوابه . ورجع إلى فلان من مرجوعه كذا : يعني رده الجواب . وليس لهذا البيع مرجوع أي : لا يرجع فيه . ومتاع مرجع : له مرجوع . ويقال : أرجع الله بيعة فلان كما يقال أربح الله بيعته . ويقال : هذا أرجع في يدي من هذا أي : أنفع ، قال ابن الفرج : سمعت بعض بني سليم يقول : قد رجع كلامي في الرجل ونجع فيه بمعنى واحد . قال : ورجع في الدابة العلف ونجع إذا تبين أثره . ويقال : الشيخ يمرض يومين فلا يرجع شهرا أي : لا يثوب إليه جسمه وقوته شهرا . وفي النوادر : يقال طعام يسترجع عنه ، وتفسير هذا في رعي المال وطعام الناس ما نفع منه واستمرئ فسمنوا عنه . وقال اللحياني : ارتجع فلان مالا وهو أن يبيع إبله المسنة والصغار ثم يشتري الفتية والبكار ، وقيل : هو أن يبيع الذكور ويشتري الإناث ، وعم مرة به فقال : هو أن يبيع الشيء ثم يشتري مكانه ما يخيل إليه أنه أفتى وأصلح . وجاء فلان برجعة حسنة أي : بشيء صالح اشتراه مكان شيء طالح ، أو مكان شيء قد كان دونه ، وباع إبله فارتجع منها رجعة صالحة ورجعة : ردها . والرجعة والرجعة : إبل تشتريها الأعراب ليست من نتاجهم وليست عليها سماتهم . وارتجعها : اشتراها ، أنشد ثعلب :


                                                          لا ترتجع شارفا تبغي فواضلها     بدفها من عرى الأنساع تنديب



                                                          وقد يجوز أن يكون هذا من قولهم : باع إبله فارتجع منها رجعة صالحة - بالكسر - إذا صرف أثمانها فيما تعود عليه بالعائدة الصالحة ، وكذلك الرجعة في الصدقة وفي الحديث : أنه رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء فسأل عنها المصدق فقال : إني ارتجعتها بإبل ، فسكت ; الارتجاع : أن يقدم الرجل المصر بإبله فيبيعها ثم يشتري بثمنها مثلها أو غيرها ، فتلك الرجعة - بالكسر - قال أبو عبيد : وكذلك هو في الصدقة إذا وجب على رب المال سن من الإبل فأخذ المصدق مكانها سنا أخرى فوقها أو دونها ، فتلك التي أخذ رجعة ; لأنه ارتجعها من التي وجبت له ، ومنه حديث معاوية : شكت بنو تغلب إليه السنة فقال : كيف تشكون الحاجة مع اجتلاب المهارة وارتجاع البكارة ؟ أي : تجلبون أولاد الخيل فتبيعونها وترجعون بأثمانها ، البكارة للقنية يعني الإبل ، قال الكميت يصف الأثافي :


                                                          جرد جلاد معطفات على ال     أورق لا رجعة ولا جلب



                                                          قال : وإن رد أثمانها إلى منزله من غير أن يشتري بها شيئا فليست برجعة . وفي حديث الزكاة : فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ، التراجع بين الخليطين أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة وللآخر ثلاثون ، ومالهما مشترك ، فيأخذ العامل عن الأربعين مسنة ، وعن الثلاثين تبيعا ، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على خليطه ، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على خليطه ; لأن كل واحد من السنين واجب على الشيوع كأن المال ملك واحد ، وفي قوله بالسوية دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه ، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة ، ومن أنواع التراجع أن يكون بين رجلين أربعون شاة لكل واحد عشرون ، ثم كل واحد منهما يعرف عين ماله فيأخذ العامل من غنم أحدهما شاة فيرجع على شريكه بقيمة نصف شاة ، وفيه دليل على أن الخلطة تصح مع تمييز أعيان الأموال عند من يقول به . والرجع أيضا : أن يبيع الذكور ويشتري الإناث كأنه مصدر وإن لم يصح تغييره ، وقيل : هو أن يبيع الهرمى ويشتري البكارة ، قال ابن بري : وجمع رجعة رجع ، وقيل لحي من العرب : بم كثرت أموالكم ؟ فقالوا : أوصانا أبونا بالنجع والرجع ، وقال ثعلب : بالرجع والنجع ، وفسره بأنه بيع الهرمى وشراء البكارة الفتية ، وقد فسر بأنه بيع الذكور وشراء الإناث ، وكلاهما مما ينمي عليه المال . وأرجع إبلا : شراها وباعها على هذه الحالة . والراجعة : الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها ، فالثانية راجعة ورجيعة ، قال علي بن حمزة : الرجيعة أن يباع الذكر ويشترى بثمنه الأنثى ، فالأنثى هي الرجيعة ، وقد ارتجعتها وترجعتها ورجعتها . وحكى اللحياني : جاءت رجعة الضياع ، ولم يفسره ، وعندي أنه ما تعود به على صاحبها من غلة . وأرجع يده إلى سيفه ليستله أو إلى كنانته ليأخذ سهما : أهوى بها إليها ، قال أبو ذؤيب :


                                                          فبدا له أقراب هذا رائغا     عنه فعيث في الكنانة يرجع



                                                          وقال اللحياني : أرجع الرجل يديه إذا ردهما إلى خلفه ليتناول شيئا ، فعم به ويقال : سيف نجيح الرجع إذا كان ماضيا في الضريبة ، قال لبيد يصف السيف :


                                                          بأخلق محمود نجيح رجيعه



                                                          وفي الحديث : رجعة الطلاق في غير موضع ، تفتح راؤه وتكسر ، على المرة والحالة وهو ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائنة إلى النكاح من غير استئناف عقد . والراجع من النساء : التي مات عنها زوجها ورجعت إلى أهلها ، وأما المطلقة فهي المردودة . قال الأزهري : والمراجع من النساء التي يموت زوجها أو يطلقها فترجع إلى أهلها ، ويقال لها أيضا راجع . ويقال للمريض إذا ثابت إليه نفسه بعد نهوك من العلة : راجع . ورجل راجع إذا رجعت إليه نفسه بعد شدة ضنى . ومرجع الكتف ورجعها : أسفلها ، وهو ما يلي الإبط منها من جهة منبض القلب ، قال رؤبة :


                                                          ونطعن الأعناق والمراجعا



                                                          يقال : طعنه في مرجع كتفيه . ورجع الكلب في قيئه : عاد فيه . وهو يؤمن بالرجعة ، وقالها الأزهري بالفتح أي : بأن الميت يرجع إلى الدنيا بعد الموت قبل يوم القيامة . وراجع الرجل : رجع إلى خير أو شر . وتراجع الشيء إلى خلف . والرجاع : رجوع الطير بعد قطاعها . ورجعت الطير رجوعا ورجاعا : قطعت من المواضع الحارة إلى الباردة : وأتان راجع وناقة راجع إذا كانت تشول بذنبها . وتجمع قطريها وتوزع ببولها فتظن أن بها حملا ثم تخلف . ورجعت الناقة [ ص: 110 ] ترجع رجاعا ورجوعا ، وهي راجع : لقحت ثم أخلفت ; لأنها رجعت عما رجي منها ، ونوق رواجع ، وقيل : إذا ضربها الفحل ولم تلقح ، وقيل : هي إذا ألقت ولدها لغير تمام ، وقيل : إذا نالت ماء الفحل ، وقيل : هو أن تطرحه ماء . الأصمعي : إذا ضربت الناقة مرارا فلم تلقح فهي ممارن ، فإن ظهر لهم أنها قد لقحت ثم لم يكن بها حمل فهي راجع ومخلفة . وقال أبو زيد : إذا ألقت الناقة حملها قبل أن يستبين خلقه قيل رجعت ترجع رجاعا ، وأنشد أبو الهيثم للقطامي يصف نجيبة لنجيبتين :


                                                          ومن عيرانة عقدت عليها     لقاحا ثم ما كسرت رجاعا



                                                          قال : أراد أن الناقة عقدت عليها لقاحا ثم رمت بماء الفحل وكسرت ذنبها بعدما شالت به ، وقول المرار يصف إبلا :


                                                          متابيع بسط متئمات رواجع     كما رجعت في ليلها أم حائل



                                                          بسط : مخلاة على أولادها بسطت عليها لا تقبض عنها متئمات : معها ابن مخاض وحوار رواجع : رجعت على أولادها . ويقال : رواجع نزع . أم حائل : أم ولدها الأنثى . والرجيع : نبات الربيع . والرجع والرجيع والراجعة : الغدير يتردد فيه الماء ، قال المتنخل الهذلي يصف السيف :


                                                          أبيض كالرجع رسوب إذا     ما ثاخ في محتفل يختلي



                                                          وقال أبو حنيفة : هي ما ارتد فيه السيل ثم نفذ ، والجمع رجعان ورجاع ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وعارض أطراف الصبا وكأنه     رجاع غدير هزه الريح رائع



                                                          وقال غيره : الرجاع جمع ولكنه نعته بالواحد الذي هو رائع ; لأنه على لفظ الواحد كما قال الفرزدق :


                                                          إذا القنبضات السود طوفن بالضحى     رقدن عليهن السجال المسدف



                                                          وإنما قال رجاع غدير ليفصله من الرجاع الذي هو غير الغدير ، إذ الرجاع من الأسماء المشتركة ، قال الآخر :


                                                          ولو أني أشاء لكنت منها     مكان الفرقدين من النجوم



                                                          فقال من النجوم ليخلص معنى الفرقدين ; لأن الفرقدين من الأسماء المشتركة ، ألا ترى أن ابن أحمر لما قال :


                                                          يهل بالفرقد ركبانها     كما يهل الراكب المعتمر



                                                          ولم يخلص الفرقد هاهنا اختلفوا فيه فقال قوم : إنه الفرقد الفلكي ، وقال آخرون : إنما هو فرقد البقرة وهو ولدها وقد يكون الرجاع الغدير الواحد كما قالوا فيه الإخاذ ، وأضافه إلى نفسه ليبينه أيضا بذلك ; لأن الرجاع كان واحدا أو جمعا ، فهو من الأسماء المشتركة وقيل : الرجع محبس الماء وأما الغدير فليس بمحبس للماء إنما هو القطعة من الماء يغادرها السيل أي : يتركها . والرجع : المطر ; لأنه يرجع مرة بعد مرة . وفي التنزيل : والسماء ذات الرجع ويقال : ذات النفع والأرض ذات الصدع قال ثعلب : ترجع بالمطر سنة بعد سنة ، وقال اللحياني : لأنها ترجع بالغيث فلم يذكر سنة بعد سنة ، وقال الفراء : تبتدئ بالمطر ثم ترجع به كل عام ، وقال غيره : ذات الرجع ذات المطر ; لأنه يجيء ويرجع ويتكرر . والراجعة : الناشغة من نواشغ الوادي . والرجعان : أعالي التلاع قبل أن يجتمع ماء التلعة ، وقيل : هي مثل الحجران ، والرجع عامة الماء وقيل : ماء لهذيل ، غلب عليه . وفي الحديث ذكر غزوة الرجيع ، هو ماء لهذيل . قال أبو عبيدة : الرجع في كلام العرب الماء وأنشد قول المتنخل : أبيض كالرجع ، وقد تقدم . الأزهري : قرأت بخط أبي الهيثم حكاه عن الأسدي ، قال : يقولون للرعد رجع . والرجيع : العرق سمي رجيعا ; لأنه كان ماء فعاد عرقا ، وقال لبيد :


                                                          كساهن الهواجر كل يوم     رجيعا في المغابن كالعصيم



                                                          أراد العرق الأصفر شبهه بعصيم الحناء وهو أثره . ورجيع : اسم ناقة جرير ، قال :


                                                          إذا بلغت رحلي رجيع أملها     نزولي بالموماة ثم ارتحاليا



                                                          ورجع ومرجعة : اسمان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية