الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزوة الخبط وغيرها

وفيها كانت غزوة الخبط ، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح ، في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار ، وكانت في رجب ، وزودهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرابا من تمر ، فكان أبو عبيدة يقبض لهم قبضة ، ثم تمرة تمرة ، فكان أحدهم يلوكها ويشرب عليها الماء ، فنفد ما في الجراب ، فأكلوا الخبط وجاعوا جوعا شديدا ، فنحر لهم قيس بن سعد بن عبادة تسع جزائر فأكلوها ، فنهاه أبو عبيدة ، فانتهى . ثم إن البحر ألقى إليهم حوتا ميتا ، فأكلوا منها حتى شبعوا ، ونصب أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه ، فيمر الراكب تحته . فلما قدموا المدينة ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : كلوا رزقا أخرجه الله لكم ، وأكل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكروا صنيع قيس بن سعد ، فقال : إن الجواد من شيمة أهل ذلك البيت .

وفيها كانت سرية وجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شعبان ، أميرها أبو قتادة ومعه عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، وكان سببها أن رفاعة بن قيس ، أو قيس بن رفاعة ، في بطن عظيم من جشم نزل بالغابة يجمع لحرب النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة ومن معه ليأتوا منه بخبر ، فوصلوا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس ، فكمن كل واحد منهم في ناحية ، وكانوا ثلاثة ، وقيل : كانوا ستة عشر رجلا ، قال عبد الله بن أبي حدرد : فكان لهم راع أبطأ عليهم ، فخرج رفاعة بن قيس في طلبه ومعه سلاحه ، فرميته بسهم في فؤاده فما تكلم . قال : فأخذت رأسه ، ثم شددت في ناحية العسكر وكبرت ، وكبر صاحباي ، فوالله ما كان إلا النجاء ، فأخذوا نساءهم وأبناءهم وما خف عليهم ، واستقنا الإبل الكثيرة والغنم ، فجئنا بها رسول الله وبرأسه معي ، فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا ، وكنت قد تزوجت وأخذت أهلي ، وعدل البعير بعشر من الغنم .

وفيها أغزى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة أيضا إلى إضم ، ومعه محلم بن جثامة [ ص: 111 ] الليثي قبل الفتح ، فلقيهم عامر بن الأضبط الأشجعي على بعير له ومعه متاعه ، فسلم عليهم بتحية الإسلام ، فأمسكوا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينهما ، فقتله وأخذ بعيره ، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره الخبر ، فنزل : ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ، الآية .

وقيل : كانت هذه السرية حين خرج إلى مكة في رمضان .

التالي السابق


الخدمات العلمية