الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رجأ ]

                                                          رجأ : أرجأ الأمر : أخره ، وترك الهمز لغة . ابن السكيت : أرجأت الأمر وأرجيته إذا أخرته . وقرئ : أرجه وأرجئه ، وقوله تعالى : ( ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ) . قال الزجاج : هذا مما خص الله تعالى به نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - فكان له أن يؤخر من يشاء من نسائه ، وليس ذلك لغيره من أمته ، وله أن يرد من أخر إلى فراشه . وقرئ ترجي ، بغير همز ، والهمز أجود . قال : وأرى ترجي ، مخففا من ترجئ لمكان تؤوي . وقرئ : ( وآخرون مرجؤون لأمر الله ) أي : مؤخرون لأمر الله ، حتى ينزل الله فيهم ما يريد . وفي حديث توبة كعب بن مالك : وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أي : أخره . والإرجاء : التأخير ، مهموز ، . ومنه سميت المرجئة مثال المرجعة يقال : رجل مرجئ مثال مرجع ، والنسبة إليه مرجئي مثال مرجعي . هذا إذا همزت ، فإذا لم تهمز قلت : رجل مرج مثال معط ، وهم المرجية ، بالتشديد ، لأن بعض العرب يقول : أرجيت وأخطيت وتوضيت ، فلا يهمز . وقيل : من لم يهمز فالنسبة إليه مرجي . والمرجئة : صنف من المسلمين يقولون : الإيمان قول بلا عمل ، كأنهم قدموا القول وأرجؤوا العمل ، أي : أخروه لأنهم يرون أنهم لو لم يصلوا ، ولم يصوموا لنجاهم إيمانهم . قال ابن بري قول الجوهري : هم المرجية ، بالتشديد ، إن أراد به أنهم منسوبون إلى المرجية ، بتخفيف الياء ، فهو صحيح ، وإن أراد به الطائفة نفسها فلا يجوز فيه ، تشديد الياء ، إنما يكون ذلك في المنسوب إلى هذه الطائفة . قال : وكذلك ينبغي أن يقال : رجل مرجئي ، ومرجي ، في النسب إلى المرجئة والمرجية . قال ابن الأثير : ورد في الحديث ذكر المرجئة ، وهم فرقة من فرق الإسلام ، يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة . سموا مرجئة لأن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، أي : أخره عنهم . قلت : ولو قال ابن الأثير هنا : سموا مرجئة لأنهم يعتقدون أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، كان أجود . وقول ابن عباس - رضي الله عنهما : ألا ترى أنهم يتبايعون الذهب بالذهب والطعام مرجى ، أي : مؤجلا مؤخرا ، يهمز ولا يهمز ، نذكره في المعتل . وأرجأت الناقة : دنا نتاجها ، يهمز ، ولا يهمز . وقال أبو عمرو : هو مهموز ، وأنشد لذي الرمة يصف بيضة :


                                                          نتوج ولم تقرف لما يمتنى له إذا أرجأت ماتت وحي سليلها



                                                          ويروى إذا نتجت . أبو عمرو : أرجأت الحامل إذا دنت أن تخرج ولدها ، فهي مرجئ ومرجئة . وخرجنا إلى الصيد فأرجأنا كأرجينا ، أي : لم نصب شيئا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية