الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ربا ]

                                                          ربا : ربا الشيء ، يربو ربوا ورباء : زاد ونما . وأربيته : نميته . وفي التنزيل العزيز : ويربي الصدقات ومنه أخذ الربا الحرام ، قال الله تعالى : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله قال أبو إسحاق : يعني به دفع الإنسان الشيء ليعوض ما هو أكثر منه ، وذلك في أكثر التفسير ليس بحرام ، ولكن لا ثواب لمن زاد على ما أخذ ، قال : والربا ربوان : فالحرام : كل قرض يؤخذ به أكثر منه ، أو تجر به منفعة ، فحرام ، والذي ليس بحرام ، أن يهبه الإنسان يستدعي به ما هو أكثر ، أو يهدي الهدية ليهدى له ما هو أكثر منها ، قال الفراء : قرئ [ ص: 92 ] هذا الحرف ليربو بالياء ونصب الواو ، قرأها عاصم والأعمش ، وقرأها أهل الحجاز ، لتربو بالتاء مرفوعة ، قال : وكل صواب ، فمن قرأ لتربو ، فالفعل للقوم الذين خوطبوا ، دل على نصبها سقوط النون ، ومن قرأها ليربو ، فمعناه ليربو ما أعطيتم من شيء لتأخذوا أكثر منه ، فذلك ربوه ، وليس ذلك زاكيا عند الله ، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله ; فتلك تربو بالتضعيف . وأربى الرجل في الربا يربي . والربية : من الربا - مخففة - . وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلح أهل نجران : أن ليس عليهم ربية ، ولا دم ، قال أبو عبيد : هكذا روي بتشديد الباء والياء ، وقال الفراء : إنما هو ربية مخفف ، أراد بها الربا ، الذي كان عليهم في الجاهلية ، والدماء التي كانوا يطلبون بها . قالالفراء : ومثل الربية من الربا حبية من الاحتباء ، سماع من العرب ، يعني : أنهم تكلموا بهما بالياء ربية وحبية ، ولم يقولوا ربوة وحبوة ، وأصلهما الواو ، والمعنى أنه أسقط عنهم ما استسلفوه في الجاهلية من سلف ، أو جنوه من جناية ، أسقط عنهم كل دم كانوا يطلبون به ، وكل ربا كان عليهم ، إلا رؤوس أموالهم ، فإنهم يردونها ، وقد تكرر ذكره في الحديث ، والأصل فيه الزيادة ، من ربا المال إذا زاد وارتفع ، والاسم الربا مقصور ، وهو في الشرع الزيادة على أصل المال من غير عقد تبايع ، وله أحكام كثيرة في الفقه ، والذي جاء في الحديث ربية - بالتشديد - قال ابن الأثير : ولم يعرف في اللغة ، قال الزمخشري : سبيلها أن تكون فعولة من الربا ، كما جعل بعضهم السرية فعولة من السرو ; لأنها أسرى جواري الرجل . وفي حديث طهفة : من أبى فعليه الربوة ; أي : من تقاعد عن أداء الزكاة ، فعليه الزيادة في الفريضة الواجبة عليه ، كالعقوبة له ، ويروى : من أقر بالجزية فعليه الربوة ، أي : من امتنع عن الإسلام لأجل الزكاة ، كان عليه من الجزية أكثر مما يجب عليه بالزكاة . وأربى على الخمسين ونحوها : زاد . وفي حديث الأنصار يوم أحد : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم في التمثيل ، أي : لنزيدن ولنضاعفن . الجوهري : الربا في البيع ، وقد أربى الرجل . وفي الحديث : من أجبى ، فقد أربى . وفي حديث الصدقة : وتربو في كف الرحمن ، حتى تكون أعظم من الجبل . وربا السويق ونحوه ، ربوا : صب عليه الماء ; فانتفخ . وقوله - عز وجل - في صفة الأرض اهتزت وربت قيل : معناه عظمت وانتفخت ، وقرئ وربأت ، فمن قرأ وربت فهو ربا يربو ، إذا زاد على أي الجهات زاد ، ومن قرأ وربأت بالهمز ، فمعناه ارتفعت . وساب فلان فلانا فأربى عليه في السباب ; إذا زاد عليه . وقوله - عز وجل - : فأخذهم أخذة رابية أي : أخذة تزيد على الأخذات ، قال الجوهري : أي : زائدة ، كقولك أربيت ، إذا أخذت أكثر مما أعطيت . والربو والربوة : البهر ، وانتفاخ الجوف ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ودون جذو وابتهار وربوة كأنكما بالريق مختنقان



                                                          أي : لست تقدر عليها إلا بعد جذو على أطراف الأصابع وبعد ربو يأخذك . والربو : النفس العالي . وربا يربو ربوا : أخذه الربو . وطلبنا الصيد حتى تربينا أي : بهرنا . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ما لي أراك حشيا رابية ; أراد بالرابية التي أخذها الربو وهو البهر ، وهو النهيج وتواتر النفس الذي يعرض للمسرع في مشيه وحركته وكذلك الحشيا . وربا الفرس إذا انتفخ من عدو أو فزع ، قال بشر بن أبي خازم :


                                                          كأن حفيف منخره إذا ما     كتمن الربو كير مستعار



                                                          والربا : العينة ، وهو الرما أيضا على البدل ; عن اللحياني ، وتثنيته ربوان وربيان ، وأصله من الواو ، وإنما ثني بالياء للإمالة السائغة فيه ; من أجل الكسرة . وربا المال ، زاد بالربا ، والمربي : الذي يأتي الربا . والربو والربوة والربوة والربوة والرباوة والرباوة والرباوة والرابية والرباة : كل ما ارتفع من الأرض ، وربا ; قال المثقب العبدي :


                                                          علون رباوة وهبطن غيبا     فلم يرجعن قائمة لحين



                                                          وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          يفوت العشنق إلجامها     وإن هو وافى الرباة المديدا



                                                          المديد : صفة للعشنق ، وقد يجوز أن يكون صفة للرباة ، على أن يكون فعيلا في معنى مفعولة ، وقد يجوز أن يكون على المعنى ، كأنه قال الربو المديد ، فيكون حينئذ فاعلا ومفعولا . وأربى الرجل ; إذا قام على رابية ; قال ابن أحمر يصف بقرة يختلف الذئب إلى ولدها :


                                                          تربي له فهو مسرور بطلعتها     طورا وطورا تناساه فتعتكر



                                                          وفي الحديث : الفردوس ربوة الجنة أي : أرفعها . ابن دريد : لفلان على فلان رباء بالفتح والمد ، أي : طول . وفي التنزيل العزيز : كمثل جنة بربوة والاختيار من اللغات ربوة ; لأنها أكثر اللغات ، والفتح لغة تميم ، وجمع الربوة ربى وربي ; وأنشد :


                                                          ولاح إذ زوزى به الربي



                                                          وزوزى به أي : انتصب به . قال ابن شميل : الروابي ما أشرف من الرمل مثل الدكداكة غير أنها أشد منها إشرافا ، وهي أسهل من الدكداكة ، والدكداكة أشد اكتنازا منها وأغلظ ، والرابية فيها خؤورة وإشراف تنبت أجود البقل الذي في الرمال وأكثره ينزلها الناس . ويقال جمل صعب الربة أي : لطيف الجفرة ; قاله ابن شميل ، قال أبو منصور : وأصله ربوة ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          هل لك يا خدلة في صعب الربه     معترم هامته كالحبحبه



                                                          وربوت الرابية : علوتها . وأرض مربية : طيبة . وقد ربوت في حجره ربوا وربوا ، الأخيرة عن اللحياني ، وربيت رباء وربيا كلاهما : نشأت فيهم : أنشد اللحياني لمسكين الدارمي :


                                                          ثلاثة أملاك ربوا في حجورنا     فهل قائل حقا كمن هو كاذب



                                                          هكذا رواه ربوا على مثال غزوا ; وأنشد في الكسر للسموأل بن [ ص: 93 ] عادياء :


                                                          نطفة ما خلقت يوم بريت     أمرت أمرها وفيها ربيت
                                                          كنها الله تحت ستر خفي     فتجافيت تحتها فخفيت
                                                          ولكل من رزقه ما قضى ال     له وإن حك أنفه المستميت



                                                          ابن الأعرابي : ربيت في حجره ، وربوت ، وربيت أربى ربا ، وربوا ; وأنشد :


                                                          فمن يك سائلا عني فإني     بمكة منزلي وبها ربيت



                                                          الأصمعي ربوت في بني فلان أربو نشأت فيهم ، وربيت فلانا أربيه تربية ، وتربيته ورببته ورببته بمعنى واحد . الجوهري : ربيته تربية وتربيته ; أي : غذوته ، قال : هذا لكل ما ينمي ، كالولد والزرع ونحوه . وتقول : زنجبيل مربى ، ومربب أيضا ; أي : معمول بالرب . والأربية - بالضم والتشديد : أصل الفخذ ، وأصله أربوة ، فاستثقلوا التشديد على الواو وهما أربيتان ; وقيل : الأربية ما بين أعلى الفخذ وأسفل البطن ، وقال اللحياني : هي أصل الفخذ مما يلي البطن وهي فعلية ، وقيل : الأربية قريبة من العانة ، قال : وللإنسان أربيتان وهما العانة والرفغ تحتهما . وأربية الرجل : أهل بيته وبنو عمه لا تكون الأربية من غيرهم ; قال الشاعر :


                                                          وإني وسط ثعلبة بن عمرو     بلا أربية نبتت فروعا



                                                          ويقال : جاء في أربية من قومه أي : في أهل بيته وبني عمه ونحوهم . والربو : الجماعة هم عشرة آلاف كالربة . أبو سعيد : الربوة : بضم الراء - عشرة آلاف من الرجال ، والجمع الربى ، قال العجاج :


                                                          بينا همو ينتظرون المنقضى     منا إذا هن أراعيل ربى



                                                          وأنشد :


                                                          أكلنا الربى يا أم عمرو ومن يكن     غريبا بأرض يأكل الحشرات



                                                          والأرباء : الجماعات من الناس ، واحدهم ربو ، غير مهموز . أبو حاتم : الربية ، ضرب من الحشرات ، وجمعه ربى . قال الجوهري : الإربيان ، بكسر الهمزة ، ضرب من السمك ، وقيل : ضرب من السمك بيض ، كالدود يكون بالبصرة ، وقيل : هو نبت عن السيرافي . والربية : دويبة بين الفأرة وأم حبين . والربو : موضع ; قال ابن سيده : قضينا عليه بالواو لوجودنا ربوت وعدمنا ربيت على مثال رميت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية