الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ربط ]

                                                          ربط : ربط الشيء يربطه ويربطه ربطا ، فهو مربوط وربيط : شده . والرباط : ما ربط به ، والجمع ربط ، وربط الدابة يربطها ويربطها ربطا وارتبطها . وفلان يرتبط كذا رأسا من الدواب ، ودابة ربيط : مربوطة . والمربط والمربطة : ما ربطها به . والمربط والمربط : موضع ربطها ، وهو من الظروف المخصوصة ، ولا يجري مجرى منزلة الولد ومناط الثريا ، لا تقول هو مني مربط الفرس ، قال ابن بري : فمن قال في المستقبل أربط بالكسر ، قال في اسم المكان المربط ، بالكسر ، ومن قال أربط ، بالضم ، قال في اسم المكان مربطا ، بالفتح . ويقال : ليس له مربط عنز . والمربطة من الرحل : نسعة لطيفة تشد فوق الحشية . والربيط : ما ارتبط من الدواب . ويقال : نعم الربيط هذا لما يرتبط من الخيل . ويقال : لفلان رباط من الخيل كما تقول تلاد ، وهو أصل خيله . وقد خلف فلان بالثغر خيلا رابطة ، وببلد كذا رابطة من الخيل . ورباط الخيل : مرابطتها . والرباط من الخيل : الخمسة فما فوقها ، قال بشير بن أبي حمام العبسي :


                                                          وإن الرباط النكد من آل داحس أبين فما يفلحن دون رهان



                                                          والرباط والمرابطة : ملازمة ثغر العدو ، وأصله أن يربط كل واحد من الفريقين خيله ، ثم صار لزوم الثغر رباطا ، وربما سميت الخيل أنفسها رباطا . والرباط : المواظبة على الأمر . قال الفارسي : هو ثان من لزوم الثغر ، ولزوم الثغر ثان من رباط الخيل . وقوله - عز وجل - : وصابروا ورابطوا قيل : معناه حافظوا ، وقيل : واظبوا على مواقيت الصلاة . وفي الحديث عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره ; وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، الرباط في الأصل : الإقامة على جهاد العدو بالحرب ، وارتباط الخيل وإعدادها ، فشبه ما ذكر من الأفعال الصالحة به . قال القتيبي : أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهما في ثغر كل منهما معد لصاحبه ، فسمي المقام ، في الثغور رباطا ، ومنه قوله : فذلكم الرباط ، أي : أن المواظبة على الطهارة والصلاة كالجهاد في سبيل الله ، فيكون الرباط مصدر رابطت أي : لازمت ، وقيل : هو هاهنا اسم لما يربط به الشيء أي : يشد يعني أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي ، وتكفه عن المحارم . وفي الحديث : أن ربيط بني إسرائيل قال : زين الحكيم الصمت أي : زاهدهم وحكيمهم الذي يربط نفسه عن الدنيا أي : يشدها ويمنعها . وفي حديث عدي : قال الشعبي وكان لنا جارا وربيطا بالنهرين ، ومنه حديث ابن الأكوع : فربطت عليه أستبقي نفسي أي : تأخرت عنه كأنه حبس نفسه وشدها . قال الأزهري : أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله فذلكم الرباط ، قوله - عز وجل : ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا وجاء في تفسيره : اصبروا على دينكم وصابروا عدوكم ورابطوا أي : أقيموا على جهاده بالحرب . قال الأزهري : وأصل الرباط من مرابط الخيل وهو ارتباطها بإزاء العدو في بعض الثغور ، والعرب تسمي الخيل إذا ربطت بالأفنية وعلفت : ربطا ، واحدها ربيط ، ويجمع الربط رباطا ، وهو جمع الجمع ، قال الله تعالى : ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم قال الفراء في قوله ( عز وجل ) : ومن رباط الخيل قال : يريد الإناث من الخيل ، وقال : الرباط مرابطة العدو وملازمة الثغر ، والرجل مرابط . والمرابطات : جماعات الخيول التي رابطت . ويقال : ترابط الماء في مكان كذا وكذا إذا لم يبرحه ولم يخرج منه فهو ماء مترابط أي : دائم لا ينزح ، قال الشاعر يصف سحابا :


                                                          ترى الماء منه ملتق مترابط     ومنحدر ضاقت به الأرض سائح



                                                          والرباط : الفؤاد كأن الجسم ربط به . ورجل رابط الجأش وربيط الجأش أي : شديد القلب كأنه يربط نفسه عن الفرار يكفها بجرأته وشجاعته . وربط جأشه رباطة : اشتد قلبه ووثق وحزم فلم يفر عند الروع ، وقال العجاج يصف ثورا وحشيا :


                                                          فبات وهو ثابت الرباط



                                                          أي : ثابت النفس . وربط الله على قلبه بالصبر أي : ألهمه الصبر وشده وقواه . ونفس رابط : واسع أريض ، وحكى ابن الأعرابي عن بعض العرب أنه قال : اللهم اغفر لي والجلد بارد والنفس رابط والصحف منتشرة والتوبة مقبولة ، يعني في صحته قبل الحمام ، وذكر النفس حملا على الروح ، وإن شئت على النسب . والربيط : التمر اليابس يوضع في الجراب ثم يصب عليه الماء . والربيط : البسر المودون . وارتبط في الحبل : نشب ، عن اللحياني . والربيط : الذاهب ، عن الزجاجي ، فكأنه ضد ، وقيل : الربيط الراهب . والرباط : ما تشد به القربة والدابة وغيرهما ، والجمع ربط ، قال الأخطل :


                                                          مثل الدعاميص في الأرحام عائرة     سد الخصاص عليها فهو مسدود
                                                          تموت طورا وتحيا في أسرتها     كما تقلب في الربط المراويد



                                                          والأصل في ربط : ربط ككتاب وكتب ، والإسكان جائز على جهة التخفيف . وقطع الظبي رباطه أي : حبالته إذا انصرف مجهودا . ويقال : جاء فلان وقد قرض رباطه . والرباط : واحد الرباطات المبنية والربيط : لقب الغوث بن مرة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية