الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ربد ]

                                                          ربد : الربدة : الغبرة ، وقيل : لون إلى الغبرة ، وقيل : الربدة والربد في النعام سواد مختلط ، وقيل هو أن يكون لونها كله سوادا ، عن اللحياني ، ظليم أربد ونعامة ربداء ورمداء : لونها كلون الرماد والجمع ربد ، وقال اللحياني : الربداء السوداء ، وقال مرة : هي التي في سوادها نقط بيض أو حمر ، وقد اربد اربدادا . وربدت الشاة ورمدت وذلك إذا أضرعت فترى في ضرعها لمع سواد وبياض ، وتربد ضرعها إذا رأيت فيه لمعا من سواد ببياض خفي . والربداء من المعزى : السوداء المنقطة بحمرة وهي المنقطة الموسومة موضع النطاق منها بحمرة ، وهي من شيات المعز خاصة ، وشاة ربداء : منقطة بحمرة وبياض أو سواد . واربد وجهه وتربد : احمر حمرة فيها سواد عند الغضب . والربدة : غبرة في الشفة ، يقال : امرأة ربداء ورجل أربد ، ويقال للظليم : الأربد للونه . والربدة والرمدة : شبه الورقة تضرب إلى السواد ، وفي حديث حذيفة حين ذكر الفتنة : أي قلب أشربها صار مربدا ، وفي رواية : مربادا ، هما من اربد وارباد وتربد ، اربداد القلب من حيث المعنى لا الصورة ، فإن لون القلب إلى السواد ما هو ، قال أبو عبيدة : الربدة لون بين السواد والغبرة ، ومنه قيل للنعام : ربد جمع ربداء . وقال أبو عدنان : المربد المولع بسواد وبياض ، وقال ابن شميل : لما رآني تربد لونه ، وتربده : تلونه تراه أحمر مرة ومرة أخضر ومرة أصفر ، ويتربد لونه من الغضب أي : يتلون ، والضرع يتربد لونه إذا صار فيه لمع ، وأنشد الليث في تربد الضرع :

                                                          [ ص: 78 ]

                                                          إذا والد منها تربد ضرعها جعلت لها السكين إحدى القلائد



                                                          وتربد وجهه أي : تغير من الغضب ، وقيل : صار كلون الرماد ، ويقال : اربد لونه كما يقال احمر واحمار ، وإذا غضب الإنسان تربد وجهه كأنه يسود منه مواضع ، واربد وجهه وارمد إذا تغير ، وداهية ربداء أي : منكرة ، وتربد الرجل : تعبس ، وفي الحديث : كان إذا نزل عليه الوحي اربد وجهه أي : تغير إلى الغبرة ، وقيل : الربدة لون من السواد والغبرة ، وفي حديث عمرو بن العاص : أنه قام من عند عمر مربد الوجه في كلام أسمعه ، وتربدت السماء : تغيمت . والأربد : ضرب من الحيات خبيث ، وقيل : ضرب من الحيات يعض الإبل . وربد الإبل يربدها ربدا : حبسها ، والمربد : محبسها ، وقيل : هي خشبة ، أو عصا تعترض صدور الإبل فتمنعها عن الخروج ، قال :


                                                          عواصي إلا ما جعلت وراءها     عصا مربد تغشى نحورا وأذرعا



                                                          قيل : يعني بالمربد هاهنا عصا جعلها معترضة على الباب تمنع الإبل من الخروج ، سماها مربدا لهذا ، قال أبو منصور : وقد أنكر غيره ما قال ، وقال : أراد عصا معترضة على باب المربد فأضاف العصا المعترضة إلى المربد ليس أن العصا مربد . وقال غيره : الربد الحبس ، والرابد : الخازن ، والرابدة : الخازنة ، والمربد : الموضع الذي تحبس فيه الإبل وغيرها . وفي حديث صالح بن عبد الله بن الزبير : أنه كان يعمل ربدا بمكة . الربد - بفتح الباء - : الطين ، والرباد : الطيان أي : بناء من طين كالسكر ، قال : ويجوز أن يكون من الربد الحبس ; لأنه يحبس الماء ويروى بالزاي والنون ، وسيأتي ذكره ، ومربد البصرة : من ذلك سمي ; لأنهم كانوا يحبسون فيه الإبل ، وقول الفرزدق :


                                                          عشية سال المربدان كلاهما     عجاجة موت بالسيوف الصوارم



                                                          فإنما سماه مجازا لما يتصل به من مجاوره ، ثم إنه مع ذلك أكده وإن كان مجازا ، وقد يجوز أن يكون سمي كل واحد من جانبيه مربدا . وقال الجوهري في بيت الفرزدق : إنه عنى به سكة المربد بالبصرة ، والسكة التي تليها من ناحية بني تميم جعلهما المربدين ، كما يقال الأحوصان وهما الأحوص وعوف بن الأحوص . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن مسجده كان مربدا ليتيمين في حجر معاذ بن عفراء ، فجعله للمسلمين فبناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجدا . قال الأصمعي : المربد كل شيء حبست به الإبل والغنم ، ولهذا قيل مربد النعم الذي بالمدينة ، وبه سمي مربد البصرة ، إنما كان موضع سوق الإبل ، وكذلك كل ما كان من غير هذه المواضع أيضا إذا حبست به الإبل ، وهو بكسر الميم وفتح الباء ، من ربد بالمكان إذا أقام فيه ، وفي الحديث : أنه تيمم بمربد الغنم وربد بالمكان يربد ربودا إذا أقام به ، وقال ابن الأعرابي : ربده حبسه . والمربد : فضاء وراء البيوت يرتفق به . والمربد : كالحجرة في الدار . ومربد التمر : جرينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس ، قال سيبويه : هو اسم كالمطبخ وإنما مثله به ; لأن الطبخ تيبيس ، قال أبو عبيد : والمربد أيضا موضع التمر مثل الجرين ، فالمربد بلغة أهل الحجاز والجرين لهم أيضا ، والأندر لأهل الشام ، والبيدر لأهل العراق ، قال الجوهري : وأهل المدينة يسمون الموضع الذي يجفف فيه التمر لينشف مربدا ، وهو المسطح والجرين في لغة أهل نجد ، والمربد للتمر كالبيدر للحنطة ; وفي الحديث : حتى يقوم أبو لبابة يسد ثعلب مربده بإزاره ; يعني موضع تمره . وربد الرجل إذا كنز التمر في الربائد وهو الكراحات وتمر ربيد : نضد في الجرار أو في الحب ثم نضح بالماء . والربد : فرند السيف . وربد السيف : فرنده ، هذلية ، قال صخر الغي :


                                                          وصارم أخلصت خشيبته     أبيض مهو في متنه ربد



                                                          وسيف ذو ربد - بفتح الباء - إذا كنت ترى فيه شبه غبار أو مدب نمل يكون في جوهره ، وأنشد بيت صخر الغي الهذلي وقال : الخشيبة الطبيعة أخلصتها المداوس والصقل . ومهو رقيق . وأربد الرجل : أفسد ماله ومتاعه . وأربد : اسم رجل . وأربد بن ربيعة : أخو لبيد الشاعر . والربيدان : نبت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية