الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ربح ]

                                                          ربح : الربح والربح والرباح : النماء في التجر . ابن الأعرابي : الربح والربح مثل البدل والبدل ، وقال الجوهري : مثل شبه وشبه ، هو اسم ما ربحه . وربح في تجارته يربح ربحا وربحا ورباحا أي : استشف ، والعرب تقول للرجل إذا دخل في التجارة : بالرباح والسماح . الأزهري : ربح فلان ورابحته ، وهذا بيع مربح إذا كان [ ص: 76 ] يربح فيه ، والعرب تقول : ربحت تجارته إذا ربح صاحبها فيها . وتجارة رابحة : يربح فيها . وقوله تعالى : فما ربحت تجارتهم قال أبو إسحاق : معناه ما ربحوا في تجارتهم ; لأن التجارة لا تربح ، إنما يربح فيها ويوضع فيها ، والعرب تقول : قد خسر بيعك وربحت تجارتك ، يريدون بذلك الاختصار وسعة الكلام ، قال الأزهري : جعل الفعل للتجارة ، وهي لا تربح وإنما يربح فيها ، وهو كقولهم : ليل نائم وساهر أي : ينام فيه ويسهر ، قال جرير :


                                                          ونمت وما ليل المطي بنائم



                                                          وقوله ( عز وجل ) : فما ربحت تجارتهم أي : ما ربحوا في تجارتهم ، وإذا ربحوا فيها فقد ربحت ، ومثله : فإذا عزم الأمر ، وإنما يعزم على الأمر ولا يعزم الأمر ، وقوله : والنهار مبصرا أي : يبصر فيه ، ومتجر رابح وربيح للذي يربح فيه . وفي حديث أبي طلحة : ذاك مال رابح أي : ذو ربح كقولك لابن وتامر ، قال : ويروى بالياء . وأربحته على سلعته أي : أعطيته ربحا ، وقد أربحه بمتاعه ، وأعطاه مالا مرابحة أي : على الربح بينهما ، وبعت الشيء مرابحة . ويقال : بعته السلعة مرابحة على كل عشرة دراهم درهم ، وكذلك اشتريته مرابحة ، ولا بد من تسمية الربح . وفي الحديث : أنه نهى عن ربح ما لم يضمن ، ابن الأثير : هو أن يبيع سلعة قد اشتراها ولم يكن قبضها بربح ، ولا يصح البيع ولا يحل الربح ; لأنها في ضمان البائع الأول ، وليست من ضمان الثاني ، فربحها وخسارتها للأول . والربح : ما اشتري من الإبل للتجارة . والربح : الفصال ، واحدها رابح . والربح : الفصيل ، وجمعه رباح مثل جمل وجمال . والربح : الشحم ; قال خفاف بن ندبة :


                                                          قروا أضيافهم ربحا ببح     يعيش بفضلهن الحي سمر



                                                          البح : قداح الميسر ; يعني قداحا بحا من رزانتها . والربح هنا يكون الشحم ويكون الفصال ، وقيل : هي ما يربحون من الميسر ; الأزهري : يقول أعوزهم الكبار فتقامروا على الفصال . ويقال : أربح الرجل إذا نحر لضيفانه الربح ، وهي الفصلان الصغار ، يقال : رابح وربح مثل حارس وحرس ; قال : ومن رواه ربحا ، فهو ولد الناقة ، وأنشد :


                                                          قد هدلت أفواه ذي الربوح



                                                          وقال ابن بري في ترجمة بحح في شرح بيت خفاف بن ندبة ، قال ثعلب : الربح هاهنا جمع رابح كخادم وخدم ، وهي الفصال . والربح : من أولاد الغنم ، وهو أيضا طائر يشبه الزاغ ، قال الأعشى :


                                                          فترى القوم نشاوى كلهم     مثلما مدت نصاحات الربح



                                                          وقيل : الربح - بفتح أوله - طائر يشبه الزاغ ، عن كراع . والربح والرباح - بالضم والتشديد جميعا - : القرد الذكر ، قاله أبو عبيد في باب فعال ، قال بشر بن المعتمر :


                                                          وإلقة ترغث رباحها     والسهل والنوفل والنضر



                                                          الإلقة هاهنا القردة . ورباحها : ولدها . وترغث : ترضع . والسهل : الغراب . والنوفل : البحر . والنضر : الذهب ; وقبله :


                                                          تبارك الله وسبحانه     من بيديه النفع والضر
                                                          من خلقه في رزقه كلهم     الذيخ والتيتل والغفر
                                                          وساكن الجو إذا ما علا     فيه ومن مسكنه القفر
                                                          والصدع الأعصم في شاهق     وجأبة مسكنها الوعر
                                                          والحية الصماء في جحرها     والتتفل الرائغ والذر



                                                          الذيخ : ذكر الضباع . والتيتل : المسن من الوعول . والغفر : ولد الأروية ، وهي الأنثى من الوعول أيضا . والأعصم : الذي في يديه بياض . والجأبة : بقرة الوحش ، وإذا قلت : جأبة المدرى ، فهي الظبية . والتتفل : ولد الثعلب . ورأيت في حواشي نسخة من حواشي ابن بري بخط سيدنا الإمام العلامة الراوية الحافظ رضي الدين الشاطبي - وفقه الله - وإليه انتهى علم اللغة في عصره نقلا ودراية وتصريفا ، قال أول القصيدة :


                                                          الناس دأبا في طلاب الثرى     فكلهم من شأنه الختر
                                                          كأذؤب تنهسها أذؤب     لها عواء ولها زفر
                                                          تراهم فوضى وأيدي سبا     كل له في نفسه سحر



                                                          تبارك الله وسبحانه . . .

                                                          وقال : بشر بن المعتمر النضري أبو سهل كان أبرص ، وهو أحد رؤساء المتكلمين ، وكان راوية ناسبا له الأشعار في الاحتجاج للدين وفي غير ذلك ، ويقال إن له قصيدة في ثلاثمائة ورقة احتج فيها ، وقصيدة في الغول ، قال : وذكر الجاحظ أنه لم ير أحدا أقوى على المخمس المزدوج منه ، وهو القائل :


                                                          إن كنت تعلم ما تقو     ل وما أقول فأنت عالم
                                                          أو كنت تجهل ذا وذا     ك فكن لأهل العلم لازم



                                                          وقال : هذا من معجم الشعراء للمرزباني . الأزهري : قال الليث : رباح اسم للقرد ، قال : وضرب من التمر يقال له زب رباح ; وأنشد شمر للبعيث :


                                                          شآمية زرق العيون كأنها     ربابيح تنزو أو فرار مزلم



                                                          قال ابن الأعرابي : الرباح القرد ، وهو الهوبر والحودل ، وقيل : هو [ ص: 77 ] ولد القرد ، وقيل : الجدي ، وقيل : الرباح الفصيل ، والحاشية الصغير الضاوي ، وأنشد :


                                                          حطت به الدلو إلى قعر الطوي     كأنما حطت برباح ثني



                                                          قال أبو الهيثم : كيف يكون فصيلا صغيرا ، وقد جعله ثنيا ، والثني ابن خمس سنين ؟ وأنشد شمر لخداش بن زهير :


                                                          ومسبكم سفيان ثم تركتم     تتنتجون تنتج الرباح



                                                          والرباح : دويبة مثل السنور ، هكذا في الأصل الذي نقلت منه . وقال ابن بري في الحواشي : قال الجوهري : الرباح أيضا دويبة كالسنور يجلب منه الكافور ، وقال : هكذا وقع في أصلي ، قال : وكذا هو في أصل الجوهري بخطه ، قال : وهو وهم ; لأن الكافور لا يجلب من دابة ، وإنما هو صمغ شجر بالهند . ورباح : موضع هناك ينسب إليه الكافور ، فيقال كافور رباحي ، وأما الدويبة التي تشبه السنور التي ذكر أنها تجلب للكافور فاسمها الزبادة ، والذي يجلب منها من الطيب ليس بكافور ، وإنما يسمى باسم الدابة ، فيقال له الزبادة قال ابن دريد : والزبادة التي يجلب منها الطيب أحسبها عربية ، قال : ووقع في بعض النسخ : والرباح دويبة ، قال : والرباح أيضا بلد يجلب منه الكافور ، قال ابن بري : وهذا من زيادة ابن القطاع وإصلاحه ، وخط الجوهري بخلافه . وزب الرباح : ضرب من التمر . والرباح : بلد يجلب منه الكافور . ورباح : اسم ، ورباح في قول الشاعر :


                                                          هذا مقام قدمي رباح



                                                          اسم ساق . والمربح : فرس الحارث بن دلف . والربح : الفصيل كأنه لغة في الربع ، وأنشد بيت الأعشى :


                                                          مثلما مدت نصاحات الربح



                                                          قيل : إنه أراد الربع ، فأبدل الحاء من العين . والربح : ما يربحون من الميسر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية