الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رأبل ]

                                                          رأبل : الرئبال : من أسماء الأسد والذئب ، يهمز ولا يهمز ، مثل حلأت السويق وحليت ، والجمع الرآبيل ، قال ابن بري : وليس حرف اللين فيه بدلا من الهمزة ، قال ابن سيده : وإنما قضيت على رئبال المهموز أنه رباعي على كثرة زيادة الهمزة من جهة قولهم في هذا المعنى ريبال ، بغير همز ، وذلك أن ريبالا بغير همز لا يخلو من أن يكون فيعالا أو فعلالا ، فلا يكون فيعالا لأنه من أبنية المصادر ، ولا فعلالا ، وياؤه أصل ؛ لأن الياء لا تكون أصلا في بنات الأربعة ، فثبت من [ ص: 58 ] ذلك أن رئبالا فعلال ، همزته أصل بدليل قولهم خرجوا يترأبلون ، وأن ريبالا مخفف عنه تخفيفا بدليا ، وإنما قضينا على تخفيف همزة ريبال أنه بدلي لقول بعض العرب يصف رجلا : هو ليث أبو ريابل ، وإنما قال ريابل ولم يقل ريابيل ؛ لأن بعده عساف مجاهل . وحكى أبو علي : ريابيل العرب للصوصهم ، فإن قلت : فإن رئبالا فئعال لكثرة زيادة الهمزة ، وقد قالوا : تربل لحمه ، قلنا : إن فئعالا في الأسماء عدم ، ولا يسوغ الحمل على باب إنقحل ما وجد عنه مندوحة ، وأما تربل لحمه مع قولهم رئبال فمن باب سبطر ، إنما هو في معنى سبط وليس من لفظه ، ولأآل للذي يبيع اللؤلؤ ، فيه بعض حروفه وليس منه ، ولا يجب أن يحمل قولهم : يترأبلون على باب تمسكن وتمدرع ، وخرجوا يتمغفرون لقلة ذلك ، وقال بعضهم : همزة رئبال بدل من ياء .

                                                          وفي حديث ابن أنيس : كأنه الرئبال الهصور ، أي : الأسد ، والجمع الرآبل والريابيل على الهمز وتركه . وذئب رئبال ولص رئبال : وهو من الجرأة . وترأبلوا : تلصصوا . وخرجوا يترأبلون إذا غزوا على أرجلهم وحدهم بلا وال عليهم ، وفعل ذلك من رأبلته وخبثه . وترأبل ترأبلا ، ورأبل رأبلة ، وفلان يترأبل ، أي : يغير على الناس ، ويفعل فعل الأسد ، وقال أبو سعيد : يجوز فيه ترك الهمز ، وأنشد لجرير :


                                                          ريابيل البلاد يخفن مني وحية أريحاء لي استجابا



                                                          قال ابن بري : البيت في شعر جرير :


                                                          شياطين البلاد يخفن زأري

                                                          وأريحاء : بيت المقدس ، قال : ومثله للنميري :


                                                          ويلقى كما كنا يدا في قتالنا     ريابيل ما فينا كهام ولا نكس



                                                          ابن سيده : وقيل : الرئبال الذي تلده أمه وحده . وفعل ذلك من رأبلته وخبثه ، والرأبلة : أن يمشي الرجل متكفئا في جانبيه كأنه يتوجى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية