الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون

                                                                                                                                                                                                                                      " ران " : بمعنى غطى كما في الحديث : " إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء ، وما يزال كذلك حتى يغطيه " الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      وكم ران من ذنب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران فانجلى

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو حيان : وأصل الرين : الغلبة ، يقال : رانت الخمر على عقل شاربها واشتدت :


                                                                                                                                                                                                                                      ثم لما رآه رانت به الخـ     ـمر وألا يريه بانتفاء

                                                                                                                                                                                                                                      بيان القراءات في هذه الآية :

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو حيان : قرئ " بل ران " بإدغام اللام في الراء ، وبالإظهار وقف حفص على " بل " وقفا خفيفا يسيرا ليتبين الإظهار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو جعفر بن الباذش : وأجمعوا - يعني القراء - على إدغام اللام في الراء ، إلا ما كان من سكت حفص على " بل " ، ثم يقول : " ران " .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا الذي ذكره كما ذكر من الإجماع .

                                                                                                                                                                                                                                      ففي كتاب " اللوامع " عن قالون من جميع طرقه : إظهار اللام عند الراء نحو قوله : [ ص: 463 ] " بل رفعه الله إليه " [ 4 \ 158 ] " بل ربكم " [ 21 \ 56 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي كتاب ابن عطية . وقرأ نافع : " بل ران " من غير مدغم .

                                                                                                                                                                                                                                      وفيه أيضا : وقرأ نافع أيضا بالإدغام والإمالة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال سيبويه : البيان والإدغام حسنان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : وقرئ بإدغام اللام في الراء ، وبالإظهار والإدغام أجود ، وأميلت الألف وفخمت . اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      أما المعنى فقد تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان ذلك وافيا في سورة " الكهف " عند الكلام على قوله تعالى : إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه الآية [ 18 \ 57 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية