الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفيها كانت عدة من سرايا وغزوات

منها سرية عكاشة بن محصن في أربعين رجلا إلى الغمر ، فنذر بهم القوم فهربوا ، فسعت الطلائع فوجدوا مائتي بعير ، فأخذوها إلى المدينة ، وكانت في ربيع الآخر .

ومنها سرية محمد بن مسلمة ، وأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عشرة فوارس في ربيع الأول إلى بني ثعلبة بن سعد ، فكمن القوم له حتى نام هو وأصحابه وظهروا عليهم ، فقتل أصحابه ، ونجا هو وحده جريحا .

ومنها سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة في ربيع الآخر ، في أربعين رجلا ، فهرب أهله منهم وأصابوا نعما ورجلا واحدا أسلم ، فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 88 ] ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ومنها سرية زيد بن حارثة بالجموم ، فأصاب امرأة من مزينة اسمها حليمة ، فدلتهم على محلة من محال بني سليم ، فأصابوا نعما وشاء وأسرى ، فيهم زوجها ، فأطلقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجها معها .

ومنها سرية زيد أيضا إلى العيص في جمادى الأولى .

وفيها أخذت الأموال التي كانت مع أبي العاص بن الربيع ، واستجار بزينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجارته . وقد تقدم ذكره في غزوة بدر .

ومنها سرية زيد أيضا إلى الطرف في جمادى الآخرة إلى بني ثعلبة ، في خمسة عشر رجلا ، فهربوا منه ، وأصاب من نعمهم عشرين بعيرا .

ومنها سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الآخرة .

وسببها أن رفاعة بن زيد الجذامي ، ثم الضبي ، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هدنة الحديبية ، وأهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما وأسلم ، فحسن إسلامه ، وكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام ، فأسلموا ، ثم ساروا إلى حرة الرجلاء .

[ ص: 89 ] ثم إن دحية بن خليفة الكلبي أقبل من الشام من عند قيصر ، حتى إذا كان بأرض جذام أغار عليه الهنيد بن عوص ، وابنه عوص بن الهنيد الضليعيان ، وهو بطن من جذام ، فأخذا كل شيء معه ، فبلغ ذلك نفرا من بني الضبيب قوم رفاعة ممن كان أسلم ، فنفروا إلى الهنيد وابنه ، واقتتلوا ، فظفر بنو الضبيب ، واستنقذوا كل شيء أخذ من دحية ، وردوه عليه ، فخرج دحية حتى قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبره ، وطلب منه دم الهنيد وابنه عوص ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم زيد بن حارثة في جيش ، فأغاروا بالفضافض ، وجمعوا ما وجدوا من مال ، وقتلوا الهنيد وابنه .

فلما سمع بذلك بنو الضبيب رهط رفاعة بن زيد ، سار بعضهم إلى زيد بن حارثة فقالوا : إنا قوم مسلمون . فقال زيد : فاقرءوا أم الكتاب ، فقرأها حسان بن ملة . فقال زيد : نادوا في الجيش : إن الله حرم علينا ما أخذ من طريق القوم التي جاءوا منها ، وأراد أن يسلم إليهم سباياهم ، فأخبره بعض أصحابه عنهم بما أوجب أن يحتاط ، فتوقف في تسليم السبايا وقال : هم في حكم الله ، ونهى الجيش أن يهبطوا واديهم .

وعاد أولئك الركب الجذاميون إلى رفاعة بن زيد ، وهو بكراع ربة لم يشعر بشيء من أمرهم ، فقال له بعضهم : إنك لجالس تحلب المعزى ، ونساء جذام أسارى قد غرهن كتابك الذي جئت به . فسار رفاعة والقوم معه إلى المدينة ، وعرض كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كيف أصنع بالقتلى ؟ فقالوا : لنا من كان حيا ، ومن قتل فهو تحت أقدامنا ، يعنون تركوا الطلب به . فأجابهم إلى ذلك وأرسل معهم علي بن أبي طالب إلى زيد بن حارثة ، فرد على القوم ما لهم حتى كانوا ينتزعون لبد المرأة تحت الرحل ، وأطلق الأسارى .

( ربة بالراء والباء الموحدة . والضبيب بضم الضاد المعجمة ، تصغير ضب ، وقيل : هو بفتح الضاد ، وكسر الباء ، وآخره نون - نسبة إلى ضبيبة ) .

ومنها سرية زيد أيضا إلى وادي القرى في رجب .

[ ص: 90 ] ومنها سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان ، فأسلموا ، فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ رئيسهم ، وهي أم أبي سلمة .

ومنها سرية علي بن أبي طالب إلى فدك في شعبان ، في مائة رجل ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن حيا من بني سعد قد تجمعوا له ، يريدون أن يمدوا أهل خيبر ، فسار إليهم علي فأصاب عينا لهم ، فأخبره أنه سار إلى أهل خيبر يعرض عليهم نصرهم على أن يجعلوا لهم تمر خيبر .

ومنها سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة في رمضان ، وكانت عجوزا كبيرة ، فلقي زيد بن فزارة بوادي القرى ، فأصيب أصحابه وارتث زيد من بين القتلى ، فنذر أن لا يمس ماء من جنابة حتى يغزو فزارة ، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، فلقيهم بوادي القرى ، فأصاب منهم وقتل وأسر أم قرفة ، وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر ، عجوز كبيرة ، وبنتا لها ، فربط أم قرفة بين بعيرين فشقاها نصفين ، وقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بابنتها ، وكانت لسلمة بن الأكوع ، فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه هبة ، وأرسلها إلى حرب بن أبي وهب ، فولدت له عبد الله بن حرب .

وأما سلمة بن الأكوع فإنه جعل أمير هذه السرية أبا بكر ، فروي عنه أنه قال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا أبا بكر ، فغزونا ناسا من بني فزارة ، فشننا عليهم الغارة صلاة الصبح ، فأخذت منهم جماعة وسقتهم إلى أبي بكر ، وفيها امرأة من بني فزارة معها بنت لها من أحسن العرب ، فنفلني أبو بكر بنتها ، فقدمت المدينة فلقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسوق فقال لي : يا سلمة ، لله أبوك ، هب لي المرأة . فقلت : والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا . فسكت ثم عاد من الغد فوهبتها له ، فبعث بها إلى مكة ، ففادى بها أسارى من المسلمين .

[ ص: 91 ] ومنها سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين الذين قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستاقوا الإبل في شوال . وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين فارسا .

وفيها تزوج عمر بن الخطاب جميلة بنت ثابت بن أبي أقلح أخت عاصم ، فولدت له عاصما ، فطلقها وتزوجها بعده يزيد بن جارية ، فولدت له عبد الرحمن بن يزيد ، فهو أخو عاصم لأمه .

( جارية بالجيم ، وبعد الراء ياء تحتها نقطتان ) .

وفيها أجدب الناس جدبا شديدا ، فاستسقى رسول الله بالناس في رمضان .

التالي السابق


الخدمات العلمية