الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
غزوة ذات الرقاع

أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد بني النضير شهري ربيع ، ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان ، حتى نزل نخلا ، وهي غزوة الرقاع ، سميت بذلك لأجل جبل كانت الوقعة به ، فيه سواد وبياض وحمرة ، فاستخلف على المدينة عثمان بن عفان ، فلقي المشركين ولم يكن قتال ، وخاف الناس بعضهم بعضا ، فنزلت صلاة الخوف ، وقد اختلف الرواة في صلاة الخوف ، وهو مستقصى في كتب الفقه .

وجاء رجل من محارب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب منه أن ينظر إلى سيفه ، فأعطاه السيف ، فلما أخذه وهزه قال : يا محمد ، أما تخافني ؟ قال : لا . قال : أما تخافني وفي [ ص: 62 ] يدي السيف ؟ قال : لا ، يمنعني الله منك ، فرد السيف إليه .

وأصاب المسلمون امرأة منهم ، وكان زوجها غائبا ، فلما أتى أهله أخبر الخبر ، فحلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دما ، وخرج يتبع أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يحرسنا الليلة ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار ، فأقاما بفم شعب نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضطجع المهاجري ، وحرس الأنصاري أول الليل وقام يصلي ، وجاء زوج المرأة فرأى شخصه ، فعرف أنه ربيئة القوم ، فرماه بسهم فوضعه فيه ، فانتزعه وثبت قائما يصلي ، ثم رماه بسهم آخر فأصابه ، فنزعه وثبت يصلي ، ثم رماه بالثالث فوضعه فيه ، فانتزعه ثم ركع وسجد ، ثم أيقظ صاحبه وأعلمه ، فوثب ، فلما رآهما الرجل علم أنهما علما به ، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري قال : سبحان الله ! ألا أيقظتني أول ما رماك ؟ قال : كنت في سورة أقرأها ، فلم أحب أن أقطعها ، فلما تابع علي الرمي أعلمتك ، وايم الله لولا خوفي أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها .

وقيل : إن هذه الغزوة كانت في المحرم سنة خمس من الهجرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية