الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق ، هذا الغلو الذي نهوا عنه هو وقول غير الحق هو قول بعضهم : إن عيسى ابن الله ، وقول بعضهم : هو الله ، وقول بعضهم : هو إله مع الله سبحانه وتعالى عن ذلك كله علوا كبيرا ، كما بينه قوله تعالى : وقالت النصارى المسيح ابن الله [ 9 \ 30 ] ، وقوله : لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم [ 5 \ 17 ] ، وقوله : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة [ 5 \ 73 ] ، وأشار هنا إلى إبطال هذه المفتريات بقوله : إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم الآية [ 4 \ 171 ] ، وقوله : لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله الآية [ 4 \ 172 ] ، وقوله : ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام [ 5 \ 75 ] ، وقوله : قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا [ 5 \ 17 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : يدخل في الغلو وغير الحق المنهي عنه في هذه الآية ما قالوا من البهتان على مريم أيضا ، واعتمده القرطبي وعليه فيكون الغلو المنهي عنه شاملا للتفريط والإفراط .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قرر العلماء أن الحق واسطة بين التفريط والإفراط ، وهو معنى قول مطرف بن عبد الله : الحسنة بين سيئتين وبه تعلم أن من جانب التفريط والإفراط فقد اهتدى ، [ ص: 323 ] ولقد أجاد من قال : [ الطويل ]


                                                                                                                                                                                                                                      ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ، وقولوا عبد الله ورسوله " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية