الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا .

                                                                                                                                                                                                                                      فيه بيان أن الخيرية التي يختارها الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في النساء هي تلك الصفات من الإيمان والصلاح .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 222 ] وجاء الحديث " فعليك بذات الدين تربت يمينك " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم [ 2 \ 221 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي تقديم الثيبات على الأبكار هنا في معرض التخيير ما يشعر بأولويتهن ، مع أن الحديث : " هلا بكرا تداعبك وتداعبها " ، ونساء الجنة لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، ففيه أولوية الأبكار ، وقد أجاب المفسرون بأن هذا للتنويع فقط ، وأن الثيبات في الدنيا والأبكار في الجنة كمريم ابنة عمران ، والذي يظهر والله تعالى أعلم ، أنه لما كان في مقام الانتصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنبيههن لما يليق بمقامه عندهن ذكر من الصفات العالية دينا وخلقا ، وقدم الثيبات ; ليبين أن الخيرية فيهن بحسب العشرة ومحاسن الأخلاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : عسى ربه إن طلقكن ، لم يبين هل طلقهن ، أم لا ؟ مع أن عسى من الله للتحقيق ، ولكنه لم يقع طلاقهن كما بينه تعالى في سورة " الأحزاب " ، بأنه تعالى خيرهن بين الله ورسوله ، وبين الحياة الدنيا وزينتها ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فلم يطلقهن ، ولم يبدله أزواجا خيرا منهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد بين الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - هذه المسألة وإخلال الزواج إليه وتحريم النساء بعدهن عليه عند قوله تعالى : ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الآية [ 33 \ 50 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ترجي من تشاء منهن [ 33 \ 51 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن الآية [ 33 \ 52 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وبين الناسخ من المنسوخ في ذلك في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية