الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال

                                                                                                                83 وحدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا إبراهيم بن سعد ح حدثني محمد بن جعفر بن زياد أخبرنا إبراهيم يعني ابن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال إيمان بالله قال ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قال ثم ماذا قال حج مبرور وفي رواية محمد بن جعفر قال إيمان بالله ورسوله وحدثنيه محمد بن رافع وعبد بن حميد عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد مثله [ ص: 255 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 255 ] باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال

                                                                                                                أما أحاديث الباب ( فعن أبي هريرة ، وأبي ذر ، وعبد الله بن مسعود ، - رضي الله عنهم - . قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل ؟ قال : الإيمان بالله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور ) . وفي رواية ( إيمان بالله ورسوله ) . وفي رواية ( الإيمان بالله ، والجهاد في سبيله . قلت : أي رقاب أفضل ؟ قال : أنفسها عند أهلها ، وأكثرها ثمنا . قلت : فإن لم أفعل قال : تعين صانعا ، أو تصنع لأخرق . قلت : أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال : تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك وفي رواية الزهري تعين الصانع ، أو تصنع لأخرق ) وفي رواية ( أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة لوقتها . قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل [ ص: 256 ] الله ، فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه ) ، وفي رواية ( لو استزدته لزادني ) ، وفي رواية ( أي الأعمال أقرب إلى الجنة ؟ قال : الصلاة على مواقيتها . قلت : ماذا ؟ قال : بر الوالدين . قلت : وماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ) . وفي رواية ( أفضل الأعمال الصلاة لوقتها ، وبر الوالدين ) ، هذه ألفاظ المتون .

                                                                                                                وأما أسماء الرجال ففي الباب أبو هريرة ، وأبو ذر ، ومنصور بن أبي مزاحم ، وابن شهاب ، وسعيد بن المسيب ، وأبو الربيع الزهراني ، وأبو مرواح ، والشيباني عن الوليد بن العيزار عن سعد بن إياس أبي عمرو الشيباني ، وأبو يعفور .

                                                                                                                أما ألفاظ الأحاديث فالحج المبرور ، قال القاضي عياض - رحمه الله - : قال شمر : هو الذي لا يخالطه شيء من المأثم ، ومنه برت يمينه إذا سلم من الحنث ، وبر بيعه إذا سلم من الخداع . وقيل : المبرور المتقبل . وقال الحربي : بر حجك بضم الباء ، وبر الله حجك بفتحها إذا رجع مبرورا مأجورا . وفي الحديث " بر الحج : إطعام الطعام ، وطيب الكلام " فعلى هذا يكون من البر الذي هو فعل الجميل ، ومنه بر الوالدين والمؤمنين . قال : ويجوز أن يكون المبرور الصادق الخالص لله تعالى . هذا كلام القاضي .

                                                                                                                وقال الجوهري في صحاحه بر حجه وبر حجه إنه لا اطلاع على القبول . وجوابه أنه قد قيل : من علامات القبول أن يزداد بعده خيرا .

                                                                                                                وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أنفسها عند أهلها ) فمعناه أرفعها ، وأجودها ، قال الأصمعي : مال نفيس أي مرغوب فيه .

                                                                                                                وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تعين صانعا ، أو تصنع لأخرق ) الأخرق هو الذي ليس بصانع . يقال : رجل أخرق ، وامرأة خرقاء : لمن لا صنعة له ، فإن كان صانعا حاذقا قيل : رجل صنع بفتح النون ، وامرأة صناع بفتح الصاد .

                                                                                                                وأما قوله : ( صانعا ) وفي الرواية الأخرى ( الصانع ) فروي بالصاد المهملة فيهما وبالنون من الصنعة ، وروي بالضاد المعجمة وبهمزة بدل النون تكتب ياء من الضياع . والصحيح عند العلماء رواية الصاد المهملة ، والأكثر في الرواية بالمعجمة .

                                                                                                                قال القاضي عياض - رحمه الله - : روايتنا في هذا من طريق هشام أولا بالمعجمة ( فتعين ضائعا ) وكذلك في الرواية الأخرى ( فتعين الضائع ) من جميع طرقنا عن مسلم في حديث هشام والزهري إلا من رواية أبي الفتح الشاشي عن عبد الغافر الفارسي ; فإن شيخنا أبا بحر حدثنا عنه فيهما بالمهملة ، وهو صواب الكلام ; لمقابلته بالأخرق ، وإن [ ص: 257 ] كان المعنى من جهة معونة الضائع أيضا صحيحا ، لكن صحت الرواية عن هشام هنا بالصاد المهملة ، وكذلك رويناه في صحيح البخاري ، قال ابن المديني : الزهري يقول الصانع بالمهملة ، ويرون أن هشاما صحف في قوله : ضائعا بالمعجمة ، وقال الدارقطني عن معمر : كان الزهري يقول صحف هشام . قال الدارقطني : وكذلك رواه أصحاب هشام عنه بالمعجمة ، وهو تصحيف ، والصواب ما قاله الزهري . هذا كلام القاضي .

                                                                                                                وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : قوله في رواية هشام " تعين صانعا " هو بالمهملة والنون في أصل الحافظ أبي عامر العبدري ، وأبي القاسم بن عساكر ، قال : وهذا هو الصحيح في نفس الأمر ولكنه ليس رواية هشام بن عروة إنما روايته بالمعجمة ، وكذا جاء مقيدا من غير هذا الوجه في كتاب مسلم في رواية هشام . وأما الرواية الأخرى عن الزهري ( فتعين الصانع ) فهي بالمهملة وهي محفوظة عن الزهري كذلك ، وكان ينسب هشاما إلى التصحيف .

                                                                                                                قال الشيخ : وذكر القاضي عياض أنه بالمعجمة في رواية الزهري لرواة كتاب مسلم إلا رواية أبي الفتح السمرقندي . قال الشيخ : وليس الأمر على ما حكاه في رواية أصولنا لكتاب مسلم ، فكلها مقيدة في رواية الزهري بالمهلة . والله أعلم .

                                                                                                                وأما ( بر الوالدين ) فهو الإحسان وفعل الجميل معهما ، وفعل ما يسرهما ، ويدخل فيه الإحسان إلى صديقهما كما جاء في الصحيح " إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " وضد البر العقوق ، وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبا تفسيره . قال أهل اللغة : يقال بررت والدي بكسر الراء أبره بضمها مع فتح الباء برا وأنا بر به بفتح الباء ، وبار وجمع البر الأبرار وجمع البار البررة .

                                                                                                                قوله : ( فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه ) كذا هو في الأصول ( تركت أستزيده ) من غير لفظ ( أن ) بينهما وهو صحيح وهي مرادة .

                                                                                                                وقوله : ( إرعاء ) هو بكسر الهمزة وإسكان الراء وبالعين المهملة ممدود ومعناه إبقاء عليه ورفقا به والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 258 ] وأما أسماء الرجال ( فأبو هريرة ) عبد الرحمن بن صخر على الصحيح ، تقدم بيانه .

                                                                                                                ( وأبو ذر ) اختلف في اسمه فالأشهر : جندب بضم الدال وفتحها ابن جنادة بضم الجيم ، وقيل : اسمه برير بضم الباء الموحدة وبراءين مهملتين .

                                                                                                                وأما ( منصور بن أبي مزاحم ) فبالزاي والحاء ، وجميع ما في الصحيحين مما هذه صورته فهو ( مزاحم ) بالزاي والحاء ، ولهم في الأسماء مراجم بالراء وبالجيم ، ومنه ( العوام بن مراجم ) ، واسم أبي مزاحم والد منصور هذا ( بشير ) بفتح الباء .

                                                                                                                وأما ( ابن شهاب ) فتقدم مرات وهو محمد ابن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب .

                                                                                                                وأما ( ابن المسيب ) فتقدم أيضا مرات أنه بفتح الياء على المشهور وقيل بكسرها .

                                                                                                                وأما ( أبو الربيع الزهراني ) فتقدم أيضا أن اسمه سليمان بن داود .

                                                                                                                وأما ( أبو مراوح ) فبضم الميم وبالراء والحاء المهملة والواو مكسورة ، قال ابن عبد البر : أجمعوا على أنه ثقة ، وليس يوقف له على اسم ، واسمه كنيته . قال : إلا أن مسلم بن الحجاج ذكره في ( الطبقات ) فقال : اسمه ( سعد ) وذكره في الكنى ، ولم يذكر اسمه ، ويقال : في نسبه ( الغفاري ) ، ويقال : ( الليثي ) ، قال أبو علي الغساني : هو الغفاري ثم الليثي .

                                                                                                                وأما ( الشيباني ) الراوي عن الوليد بن العيزار فهو أبو إسحاق سليمان بن فيروز الكوفي .

                                                                                                                وأما ( أبو يعفور ) فبالعين المهملة والفاء والراء واسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس بكسر النون وبالسين المهملة المكررة الثعلبي بالمثلثة العامري البكاي ويقال : البكالي ، ويقال : البكاري الكوفي ، ونسطاس غير مصروف ، وأبو يعفور هذا هو الأصغر ، وقد ذكره مسلم أيضا في باب التطبيق في الركوع ، ولهم أبو يعفور الأكبر العبدي الكوفي التابعي ، واسمه ( واقد ) ، وقيل : ( وقدان ) ، وقد ذكره مسلم أيضا في باب صلاة الوتر ، وقال : اسمه ( واقد ) ، ولقبه ( وقدان ) ، ولهم أيضا ( أبو يعفور ) ثالث اسمه عبد الكريم ابن يعفور الجعفي البصري يروي عنه قتيبة ، ويحيى بن يحيى ، وغيرهما . وآباء يعفور هؤلاء الثلاثة ثقات .

                                                                                                                وأما ( الوليد بن العيزار ) فبالعين المهملة المفتوحة وبالزاي قبل الألف والراء بعدها .

                                                                                                                وأما قوله ( أخبرنا معمر عن الزهري عن حبيب مولى عروة بن الزبير عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح عن أبي ذر ) ففيه لطيفة من لطائف الإسناد وهو أنه اجتمع فيه أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض وهو الزهري ، وحبيب ، وعروة ، وأبو مراوح فأما الزهري وعروة وأبو مراوح فتابعيون معروفون ، وأما حبيب مولى عروة فقد روى عن أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - ، قال محمد ابن سعد : مات حبيب مولى عروة هذا قديما في آخر سلطان بني أمية ، فروايته عن أسماء مع هذا ظاهرها أنه أدركها وأدرك غيرها من الصحابة فيكون تابعيا . والله أعلم .

                                                                                                                أما معاني الأحاديث وفقهها فقد يستشكل الجمع بينهما مع ما جاء في معناها من حيث إنه جعل في حديث أبي هريرة أن الأفضل الإيمان بالله ، ثم الحج . وفي حديث أبي ذر الإيمان والجهاد . وفي حديث ابن مسعود الصلاة ثم بر الوالدين ، ثم الجهاد . وتقدم في حديث عبد الله بن عمرو أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف . وفي حديث أبي موسى وعبد الله بن عمرو أي المسلمين خير ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده . وصح في [ ص: 259 ] حديث عثمان : خيركم من تعلم القرآن وعلمه ، وأمثال هذا في الصحيح كثيرة ، واختلف العلماء في الجمع بينها ; فذكر الإمام الجليل أبو عبد الله الحليمي الشافعي عن شيخه الإمام العلامة المتقن أبي بكر القفال الشاشي الكبير وهو غير القفال الصغير المروزي المذكور في كتب متأخري أصحابنا الخراسانيين . قال الحليمي : وكان القفال أعلم من لقيته من علماء عصره : أنه جمع بينها بوجهين أحدهما : أن ذلك اختلاف جواب جرى على حسب اختلاف الأحوال والأشخاص ; فإنه قد يقال خير الأشياء كذا ، ولا يراد به خير جميع الأشياء من جميع الوجوه ، وفي جميع الأحوال والأشخاص ، بل في حال دون حال أو نحو ذلك واستشهد في ذلك بأخبار منها : عن ابن عباس - رضي الله عنه - ما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( حجة لمن لم يحج أفضل من أربعين غزوة وغزوة لمن حج أفضل من أربعين حجة ) والوجه الثاني : أنه يجوز أن يكون المراد من أفضل الأعمال كذا ، أو من خيرها ، أو من خيركم من فعل كذا ، فحذفت ( من ) وهي مرادة كما يقال : فلان أعقل الناس وأفضلهم ، ويراد أنه من أعقلهم وأفضلهم . ومن ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خيركم خيركم لأهله ومعلوم أنه لا يصير بذلك خير الناس مطلقا . ومن ذلك قولهم : أزهد الناس في العالم جيرانه وقد يوجد في غيرهم من هو أزهد منهم فيه . هذا كلام القفال - رحمه الله - . وعلى هذا الوجه الثاني يكون الإيمان أفضلها مطلقا ، والباقيات متساوية في كونها من أفضل الأعمال والأحوال ، ثم يعرف فضل بعضها على بعض بدلائل تدل عليها ، وتختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، فإن قيل : فقد جاء في بعض هذه الروايات أفضلها كذا ، ثم كذا بحرف ( ثم ) ، وهي موضوعة للترتيب ، فالجواب أن ( ثم ) هنا للترتيب في الذكر كما قال تعالى : وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا ومعلوم أنه ليس المراد هنا الترتيب في الفعل ، وكما قال تعالى : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا إلى قوله : ثم آتينا موسى الكتاب وقوله تعالى : ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ونظائر ذلك كثيرة وأنشدوا فيه :


                                                                                                                قل لمن ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده



                                                                                                                وذكر القاضي عياض في الجمع بينهما وجهين أحدهما : نحو الأول من الوجهين اللذين حكيناهما قال : قيل : اختلف الجواب لاختلاف الأحوال ، فأعلن كل قوم بما بهم حاجة إليه ، أو بما لم يكملوه بعد من دعائم الإسلام ولا بلغهم علمه . والثاني أنه قدم الجهاد على الحج ؛ لأنه كان أول الإسلام ومحاربة أعدائه والجد في إظهاره . وذكر صاحب التحرير هذا الوجه الثاني ووجها آخر : أن ( ثم ) لا تقتضي ترتيبا ، وهذا قول شاذ عند أهل العربية والأصول ثم قال صاحب التحرير : والصحيح أنه [ ص: 260 ] محمول على الجهاد في وقت الزحف الملجئ والنفير العام فإنه حينئذ يجب الجهاد على الجميع وإذا كان هكذا فالجهاد أولى بالتحريض والتقديم من الحج لما في الجهاد من المصلحة العامة للمسلمين مع أنه متعين متضيق في هذا الحال بخلاف الحج . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل أي الأعمال أفضل فقال : إيمان بالله ورسوله ففيه تصريح بأن العمل يطلق على الإيمان والمراد به - والله أعلم - الإيمان الذي يدخل به في ملة الإسلام وهو التصديق بقلبه ، والنطق بالشهادتين . فالتصديق عمل القلب والنطق عمل اللسان . ولا يدخل في الإيمان هاهنا الأعمال بسائر الجوارح كالصوم ، والصلاة ، والحج والجهاد ، وغيرها ; لكونه جعل قسما للجهاد والحج ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : إيمان بالله ورسوله ولا يقال هذا في الأعمال . ولا يمنع هذا من تسمية الأعمال المذكورة إيمانا . فقد قدمنا دلائله . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرقاب : أفضلها أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا فالمراد به - والله أعلم - إذا أراد أن يعتق رقبة واحدة أما إذا كان معه ألف درهم وأمكن أن يشتري بها رقبتين مفضولتين أو رقبة نفيسة مثمنة فالرقبتان أفضل ، وهذا بخلاف الأضحية فإن التضحية بشاة سمينة أفضل من التضحية بشاتين دونها في السمن .

                                                                                                                قال البغوي من أصحابنا - رحمه الله - في التهذيب بعد أن ذكر هاتين المسألتين كما ذكرت : قال الشافعي - رضي الله عنه - في الأضحية : استكثار القيمة مع استقلال العدد أحب إلي من استكثار العدد مع استقلال القيمة لأن المقصود من الأضحية اللحم ، ولحم السمين أوفر وأطيب . والمقصود من العتق تكميل حال الشخص ، وتخليصه من ذل الرق ; فتخليص جماعة أفضل من تخليص واحد . والله أعلم .

                                                                                                                وفي هذا الحديث الحث على المحافظة على الصلاة في وقتها ، ويمكن أن يؤخذ منه استحبابها في أول الوقت ; لكونه احتياطا لها ، ومبادرة إلى تحصيلها في وقتها . وفيهحسن المراجعة في السؤال . وفيه صبر المفتي والمعلم على من يفتيه أو يعلمه واحتمال كثرة مسائله وتقريراته . وفيه رفق المتعلم بالمعلم ، ومراعاة مصالحه والشفقة عليه لقوله : فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه . وفيه جواز استعمال ( لو ) لقوله : ولو استزدته لزادني . وفيه جواز إخبار الإنسان عما لم يقع أنه لو كان كذا لوقع لقوله : لو استزدته لزادني . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية