الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إسباغ الوضوء وقال ابن عمر إسباغ الوضوء الإنقاء

                                                                                                                                                                                                        139 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت الصلاة يا رسول الله فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلى ولم يصل بينهما

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب إسباغ الوضوء ) الإسباغ في اللغة الإتمام ، ومنه درع سابغ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن عمر ) هذا التعليق وصله عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح ، وهو من تفسير الشيء بلازمه ، إذ الإتمام يستلزم الإنقاء عادة ، وقد روى ابن المنذر بإسناد صحيح أن ابن عمر كان يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات ، وكأنه بالغ فيهما دون غيرهما لأنهما محل الأوساخ غالبا لاعتيادهم المشي حفاة والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الله بن مسلمة ) هو القعنبي ، والحديث في الموطأ ، والإسناد كله مدنيون ، وفيه رواية تابعي عن تابعي : موسى عن كريب ، وأسامة بن زيد أي : ابن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، له ولأبيه وجده صحبة . وستأتي مناقبه في مكانها إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دفع من عرفة ) أي : أفاض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بالشعب ) بكسر الشين المعجمة هو الطريق في الجبل ، واللام فيه للعهد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولم يسبغ الوضوء ) أي : خففه ، ويأتي فيه ما تقدم في توجيه الحديث الماضي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقلت الصلاة ) هو بالنصب على الإغراء ، أو على الحذف ، والتقدير أتريد الصلاة ؟ ويؤيده قوله في رواية تأتي " فقلت أتصلي يا رسول الله " ويجوز الرفع ، والتقدير حانت الصلاة .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 290 ] قوله : ( قال الصلاة ) هو بالرفع على الابتداء ، و " أمامك " بفتح الهمزة خبره ، وفيه دليل على مشروعية الوضوء للدوام على الطهارة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما يصل بذلك الوضوء شيئا ، وأما من زعم أن المراد بالوضوء هنا الاستنجاء فباطل ; لقوله في الرواية الأخرى " فجعلت أصب عليه وهو يتوضأ " ولقوله هنا " ولم يسبغ الوضوء " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ) فيه دليل على مشروعية إعادة الوضوء من غير أن يفصل بينهما بصلاة ، قاله الخطابي ، وفيه نظر لاحتمال أن يكون أحدث .

                                                                                                                                                                                                        ( فائدة ) : الماء الذي توضأ به - صلى الله عليه وسلم - ليلتئذ كان من ماء زمزم ، أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات مسند أبيه بإسناد حسن من حديث علي بن أبي طالب ، فيستفاد منه الرد على من منع استعمال ماء زمزم لغير الشرب . وسيأتي بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الحج إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية