الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 219 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة التحريم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم في أول السورة قبلها بيان علاقة الأمة بالخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - وقد اختلف في تحريم ما أحل الله له بين كونه العسل أو هو مارية جاريته - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي زيادة إيضاحه عن الكلام على حكمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك [ 66 \ 1 ] ، ظاهر فيه معنى العتاب ، كما في قوله تعالى : عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى [ 80 \ 1 - 3 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وكلاهما له علاقة بالجانب الشخصي سواء ابتغاء مرضاة الأزواج ، أو استرضاء صناديد قريش ، وهذا مما يدل على أن التشريع الإسلامي لا مدخل للأغراض الشخصية فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وبهذا نأخذ بقياس العكس دليلا واضحا على بطلان قول القائلين : إن إعماره - صلى الله عليه وسلم - لعائشة من التنعيم كان تطييبا لخاطرها ، ولا يصح لأحد غيرها .

                                                                                                                                                                                                                                      ومحل الاستدلال هو أن من ليس له حق في تحريم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه لا يحل له إحلال وتجويز ما لا يجوز ابتغاء مرضاتهن ، وهذا ظاهر بين ، ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                      أما تحلة اليمين وكفارة الحنث وغير ذلك ، فقد تقدم بيانه للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - عند قوله تعالى : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم [ 2 \ 225 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      أما حقيقة التحريم هنا ، ونوع الكفارة ، وهل كفر - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك أم أن الله غفر له فلم يحتج لتكفير ، فقد أوضحه الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في مذكرة الإملاء عند هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 220 ] وفي الأضواء عند قوله تعالى في أول سورة " الأحزاب " : وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم [ 33 \ 4 ] ، وذلك أن للعلماء نحو عشرين قولا ، ورجح القول بأن التحريم ظهار لما يدل عليه ظاهر القرآن ، وأن القول الذي يليه أنه يمين ، وناقش المسألة بأدلتها هناك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية