الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب التوقيت في المسح

                                                                      157 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة قال أبو داود رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي بإسناده قال فيه ولو استزدناه لزادنا

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال : المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة ) : هذا الحديث يدل على توقيت المسح بالثلاثة الأيام للمسافر وباليوم والليلة للمقيم قال أبو [ ص: 207 ] عيسى الترمذي في جامعه ، وهو قول العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا : يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وقد روي عن بعض أهل العلم أنهم لم يوقتوا في المسح على الخفين ، وهو قول مالك بن أنس والتوقيت أصح . انتهى . والتوقيت هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي وداود الظاهري وابن جرير الطبري والجمهور . وأما ابتداء مدة المسح فقال الشافعي وأبو حنيفة وكثير من العلماء : إن ابتداء المدة من حين الحدث بعد لبس الخف لا من حين اللبس ولا من حين المسح ونقل عن الأوزاعي وأبي ثور وأحمد أنهم قالوا : إن ابتداءها من وقت اللبس والله أعلم ( رواه ) : أي هذا الحديث ( ولو استزدناه لزادنا ) : قال البيهقي : قال الشافعي : معناه لو سألناه أكثر من ذلك لقال نعم . وفي رواية ابن ماجه من طريق سفيان عن أبيه عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثا ، ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي : لو ثبتت هذه الزيادة لم تقم بها حجة ، لأن الزيادة على ذلك التوقيت مظنونة أنهم لو سألوا زادهم ، وهذا صريح في أنهم لم يسألوا ولا زيد . فكيف ثبتت زيادة بخبر دل على عدم وقوعها . قال الشوكاني : وغايتها بعد تسليم صحتها أن [ ص: 208 ] الصحابي ظن ذلك وأنه ليس بحجة . وقد ورد توقيت المسح بالثلاث واليوم والليلة من طريق جماعة من الصحابة ولم يظنوا ما ظنه خزيمة والله أعلم بالصواب . قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وفي لفظ لأبي داود : ولو استزدناه لزادنا ، وفي لفظ لابن ماجه : ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا . وذكر الخطابي أن الحكم وحمادا قد روياه عن إبراهيم فلم يذكرا فيه هذا الكلام ، ولو ثبت لم يكن فيه حجة لأنه ظن منه وحسبان ، والحجة إنما تقوم بقول صاحب الشريعة لا بظن الراوي . وقال البيهقي : وحديث خزيمة بن ثابت إسناده مضطرب ، ومع ذلك فما لم يرو لا يصير سنة . هذا آخر كلامه . وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما سئل عن المسح على الخفين قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم ، ولم يذكر هذه الزيادة . انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية