الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      إبراهيم بن أبي طالب

                                                                                      الإمام الحافظ ، المجود ، الزاهد ، شيخ نيسابور ، وإمام المحدثين في زمانه أبو إسحاق بن أبي طالب محمد بن نوح بن عبد الله بن خالد النيسابوري المزكي .

                                                                                      [ ص: 548 ] ذكره الحاكم ، فقال : إمام عصره بنيسابور في معرفة الحديث والرجال ، جمع الشيوخ والعلل .

                                                                                      قال : وسمع : إسحاق بن راهويه ، وأبا قدامة السرخسي ، وعمرو بن زرارة ، والحسين بن الضحاك ، وعبد الله بن الجراح ، وعبد الله بن عمر بن الرماح ، ومحمد بن أبان البلخي ، وأقرانهم بنيسابور ، ومحمد بن مهران الجمال ، ومحمد بن حميد ، ومحمد بن عمرو ، وزنيجا بالري ، وأحمد بن حنبل -سؤالات- وداود بن رشيد ، وأحمد بن منيع ، وطبقتهم ببغداد .

                                                                                      وإسحاق بن شاهين ، وبشر بن آدم بواسط . وعمرو بن علي الفلاس ، وبندارا ، ونصر بن علي بالبصرة . وعثمان بن أبي شيبة ، وأبا كريب ، وعبد الله بن عمر بن أبان بالكوفة . وأبا مصعب ، ويحيى بن سليمان بن نضلة ، وهارون بن موسى الفروي ، وإسماعيل بن أبي خبزة ، ومحمد بن عباد ، وعبد الله بن عمران ، وابن أبي عمر العدني بمكة .

                                                                                      حدث عنه : أبو يحيى الخفاف ، وإمام الأئمة ابن خزيمة ، وأكثر مشايخنا .

                                                                                      سمعت عبد الله بن سعد يقول : ما رأيت مثل إبراهيم بن أبي طالب ولا رأى مثل نفسه . اختلفت إليه ست سنين .

                                                                                      قال : وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول : إنما أخرجت مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة : محمد بن يحيى ، ومسلم بن الحجاج ، وإبراهيم بن أبي طالب .

                                                                                      [ ص: 549 ] وسمعت أبا بكر الصبغي يقول : ما رأيت في المحدثين أهيب من إبراهيم بن أبي طالب ، كنا نجلس بين يديه وكأن على رءوسنا الطير . بينا نحن في مسجده ، إذ عطس أبو زكريا العنبري ، فأخفى عطاسه ، فقلت له : قليلا قليلا ، لا تخف فلست بين يدي الله عز وجل .

                                                                                      وسمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم ، سمعت ابن أبي طالب يقول :

                                                                                      قال لي محمد بن يحيى : من أحفظ من رأيت بالعراق ؟ قلت : لم أر بعد أحمد بن حنبل مثل أبي كريب . ثم قال أبو الفضل : كان إبراهيم بن أبي طالب يهاب بمرة ، وكان لا يحضر مجلس القضاة إلا لشهادة تلزمه .

                                                                                      وحدثنا حسان بن محمد الفقيه ، سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : دخلت على أحمد بعد المحنة غير مرة ، وذاكرته رجاء أن آخذ عنه حديثا ، حتى قلت له : يا أبا عبد الله ! حديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : امرؤ القيس قائد لواء الشعراء إلى النار فقال : قيل : عن الزهري ، عنه . قلت : من عن الزهري ؟ قال : أبو الجهم . قلت : من رواه عن أبي الجهم ؟ فسكت ، فعاودته ، فقال : اللهم سلم . فسكت .

                                                                                      قال : وسمعت أبا علي النيسابوري يقول : كنت أختلف إلى الولي [ ص: 550 ] بباب معمر ، فقال لي بعض مشايخنا : ألا تحضر مجلس إبراهيم بن أبي طالب ، فترى شمائله ومحاسنه ! فأحضرني ، فرأيت شيخا لم تر عيناي مثله .

                                                                                      قال أبو حامد بن الشرقي : إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة : الذهلي ، والدارمي ، والبخاري ، ومسلما ، وإبراهيم بن أبي طالب .

                                                                                      قال الحاكم : كان إبراهيم بن أبي طالب يعيش من كراء حانوت له ، في الشهر بسبعة عشر درهما يتبلغ بها ، وقد أملى كتاب " العلل " ; وغير شيء .

                                                                                      وسمعت أبا الطيب محمد بن أحمد بن حمدون ، سمعت إبراهيم بن أبي طالب ، سمعت من يسأل أحمد بن حنبل ، فقال : إن أصحاب الحديث يكتبون كتب الشافعي ؟ فقال : لا أرى لهم ذلك -يعني أنهم يشتغلون بذلك عن الحديث .

                                                                                      وسمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي ، سمعت إبراهيم ، سمعت ابن حنبل يقول : كان وكيع لا يقدم على زائدة في الحفظ أحدا .

                                                                                      وسمعت العنبري : سمعت ابن أبي طالب يقول : سألت أحمد عن [ ص: 551 ] القراءة فيما يجهر فيه الإمام ، فقال : يقرأ بفاتحة الكتاب .

                                                                                      وسمعت عبد الله بن سعد يقول : توفي إبراهيم في ثاني رجب ، سنة خمس وتسعين ومائتين وصلى عليه ابن أخيه ووارثه ، ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ .

                                                                                      أخبرنا ابن أبي عصرون ، وابن عساكر ، وبنت كندي سماعا ، عن المؤيد بن محمد ، وأبي روح ، وزينب الشعرية : قال المؤيد : أخبرنا محمد بن الفضل .

                                                                                      وقال أبو روح : أخبرنا تميم المؤدب ، وقالت الشعرية : أخبرنا إسماعيل القارئ ، قالوا : أخبرنا عمر بن مسرور ، أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو خالد ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي -رضي الله عنه -قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يا علي ، سل الله الهدى والسداد ، واذكر بالهدى هدايتك الطريق ، وبالسداد تسديدك السهم .

                                                                                      إسناده قوي ، ولم يخرجه أرباب الكتب الستة .

                                                                                      وفيها مات معه : الحسن بن علي المعمري وأبو جعفر الترمذي [ ص: 552 ] الفقيه وأبو شعيب الحراني والمكتفي بالله والحكم بن معبد الخزاعي والزاهد أبو الحسين النوري وقاضي نسف : إبراهيم بن معقل النسفي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية