الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ( 113 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولا تميلوا ، أيها الناس ، إلى قول هؤلاء الذين كفروا بالله ، فتقبلوا منهم وترضوا أعمالهم ( فتمسكم النار ) ، بفعلكم ذلك وما لكم من دون الله من ناصر ينصركم وولي يليكم ( ثم لا تنصرون ) ، يقول : فإنكم إن فعلتم ذلك لم ينصركم الله ، بل يخليكم من نصرته ويسلط عليكم عدوكم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

18602 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) ، يعني : الركون إلى الشرك .

18603 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن يمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ) ، يقول : لا ترضوا أعمالهم . [ ص: 501 ]

18604 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ) ، يقول : لا ترضوا أعمالهم . يقول : "الركون" ، الرضى . 18605 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ) ، قال : لا ترضوا أعمالهم ( فتمسكم النار ) .

18606 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ) ، قال : قال ابن عباس : ولا تميلوا إلى الذين ظلموا .

18607 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) ، يقول : لا تلحقوا بالشرك ، وهو الذي خرجتم منه .

18608 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) ، قال : "الركون" ، الإدهان . وقرأ : ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) ، [ سورة القلم : 9 ] ، قال : تركن إليهم ، ولا تنكر عليهم الذي قالوا ، وقد قالوا العظيم من كفرهم بالله وكتابه ورسله . قال : وإنما هذا لأهل الكفر وأهل الشرك وليس لأهل الإسلام . أما أهل الذنوب من أهل الإسلام ، فالله أعلم بذنوبهم وأعمالهم . ما ينبغي لأحد أن يصالح على شيء من معاصي الله ، ولا يركن إليه فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية