الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد 3221 - ( عن نصر بن عاصم الليثي { عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أن يصلي صلاتين فقبل منه . } رواه أحمد ، وفي لفظ آخر له : على أن لا يصلي إلا صلاة فقبل منه ) .

                                                                                                                                            3222 - ( وعن وهب قال : { سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت ، فقال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد ، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول : سيتصدقون ويجاهدون } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            3223 - ( وعن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : أسلم ، قال : أجدني كارها ، قال : أسلم وإن كنت كارها } . رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            هذه الأحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر وقبول الإسلام منه وإن شرط شرطا باطلا ، وأنه يصح إسلام من كان كارها .

                                                                                                                                            وقد سكت أبو داود والمنذري عن حديث وهب المذكور ، وهو وهب بن منبه ، وإسناده لا بأس به . وأخرج أبو داود أيضا من حديث الحسن البصري عن عثمان بن أبي العاص { أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله [ ص: 235 ] صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكم أن لا تحشروا ، ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع } . قال المنذري : قد قيل : إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص ، والمراد بالحشر جمعهم إلى الجهاد والنفير إليه ، وبقوله : " يعشروا " أخذ العشور من أموالهم صدقة ، وبقوله : " ولا يجبوا " بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة ، وأصل التجبية أن يقوم الإنسان مقام الراكع . وأرادوا أنهم لا يصلون .

                                                                                                                                            قال الخطابي : ويشبه أن يكون إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا بعد واجبتين في العاجل ; لأن الصدقة إنما تجب بانقطاع الحول ، والجهاد إنما يجب بحضوره ، وأما الصلاة فهي راتبة فلم يجز أن يشترطوا تركها انتهى . ويعكر على ذلك حديث نصر بن عاصم المذكور في الباب ، فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل من الرجل أن يصلي صلاتين فقط ، أو صلاة واحدة على اختلاف الروايتين ، ويبقى الإشكال في قوله في الحديث الذي ذكرناه " لا خير في دين ليس فيه ركوع " فإن ظاهره يدل على أنه لا خير في إسلام من أسلم بشرط أن لا يصلي . ويمكن أن يقال : إن نفي الخيرية لا يستلزم عدم جواز قبول من أسلم بشرط أن لا يصلي ، وعدم قبوله صلى الله عليه وسلم لذلك الشرط من ثقيف لا يستلزم عدم جواز القبول مطلقا .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية