الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 602 ] ثم دخلت سنة خمس وثمانين وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      استهلت والخليفة الحاكم أبو العباس أحمد ، والسلطان الملك المنصور قلاوون ونائبه بالشام الأمير حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري ، والأمير بدر الدين الصوابي محاصر مدينة الكرك في أواخر السنة الماضية ، وقدم عليه من مصر عسكر صحبة الأمير حسام الدين طرنطاي فاجتمعوا على حصار الكرك حتى أنزلوا منها صاحبها الملك المسعود خضر بن الملك الظاهر في مستهل صفر ، وجاءت البشارة بذلك إلى دمشق فدقت البشائر ثلاثة أيام ، وعاد طرنطاي بالملك خضر وأهل بيته إلى الديار المصرية ، كما فعل الملك الظاهر أبوه بالملك المغيث عمر بن العادل ، كما تقدم ذلك . واستناب في الكرك نائبا عن أمر المنصور ، ورتب أمورها ، وأجلوا منها خلقا من الكركيين ، واستخدموا بقلعة دمشق . ولما اقترب دخول آل الظاهر إلى القاهرة تلقاهم المنصور فأكرم لقياهم ، وأحسن إلى الأخوين نجم الدين خضر وبدر الدين سلامش ، وجعلهما يركبان مع ابنيه علي والأشرف خليل ، وجعل عليهما عيونا يرصدون ما يفعلان ، وأنزلا الدور بالقلعة ، وأجري عليهم من الرواتب والنفقات ما يكفيهم وزيادة كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكتب الأمير بدر الدين بكتوت العلائي ، وهو مجرد بحمص إلى نائب دمشق لاجين ، أنه قد انعقدت زوبعة في يوم الخميس سابع صفر بأرض حمص ، [ ص: 603 ] ثم ارتفعت في السماء كهيئة العمود والحية العظيمة ، وجعلت تختطف الحجارة الكبار ، فتصعد بها في الجو كأنها سهام النشاب ، وحملت شيئا كثيرا من الجمال بأحمالها ، والأثاث والخيام والدواب ، ففقد الناس من ذلك شيئا كثيرا من الرحال والأمتعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا اليوم وقع مطر عظيم بدمشق وجاء سيل كثير ولا سيما بالصالحية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أعيد علم الدين الدواداري إلى شد الدواوين بدمشق ، والصاحب تقي الدين توبة إلى الوزارة بدمشق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تولى قضاء المالكية بمصر زين الدين بن أبي مخلوف النويري عوضا عن القاضي تقي الدين بن شاس الذي توفي بها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها درس بالغزالية بدر الدين بن جماعة ، انتزعها من يد شمس الدين إمام الكلاسة الذي كان ينوب عن شمس الدين الأيكي ، والأيكي شيخ سعيد السعداء ، باشرها شهرا ، ثم جاء مرسوم بإعادتها إلى الأيكي ، وقد استناب عنه جمال الدين الباجربقي فباشرها الباجربقي في ثالث رجب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية