الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب أن السنة بداءة الشاهد بالرجم وبداءة الإمام به إذا ثبت بالإقرار 3120 - ( عن عامر الشعبي قال : { كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال : إن هذه زنت واعترفت فجلدها يوم الخميس مائة ، ورجمها يوم الجمعة ، وحفر لها إلى السرة وأنا شاهد ثم قال : إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان شهد على هذه أحد لكان أول من يرمي الشاهد ، يشهد ثم يتبع شهادته حجره ، ولكنها أقرت فأنا أول من رماها ، فرماها بحجر ثم رمى الناس وأنا فيهم ، فكنت والله فيمن قتلها . } رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا النسائي والحاكم ، وأصله في صحيح البخاري ولكن بدون ذكر الحفر وما بعده كما تقدم في أول كتاب الحدود من حديث الشعبي ، وسيأتي الكلام على الحفر قريبا . وأما كون الشاهد أول من يرمي الزاني المحصن حيث ثبت ذلك بالشهادة فقد ذهب أبو حنيفة والهادوية إلى أن ذلك واجب عليهم وأن الإمام يجبرهم على ذلك لما فيه من الزجر عن التساهل والترغيب في التثبت وإذا كان ثبوت الزنا بالإقرار وجب أن يكون الإمام أول من يرجم أو مأموره لما عند أبي داود في رواية من حديث أبي بكرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة وكان هو أول من رماها بحصاة مثل الحمصة ، ثم قال : ارموها واتقوا الوجه } . ويجاب بأن مجرد هذا الفعل لا يدل على الوجوب .

                                                                                                                                            وأما حديث العسيف المتقدم فلا يدل قوله صلى الله عليه وسلم فيه { واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها } على وجوب البداءة بذلك منه بل غايته الأمر بنفس الرجم لا بالرجم الخاص الذي هو محل النزاع ، وأما ما رواه المصنف في الباب عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فإنما ينتهض للاحتجاج [ ص: 130 ] به على قول من يقول بالحجية لا على من يخالف في ذلك والمقام مقام اجتهاد ، ولهذا حكى صاحب البحر عن العترة والشافعي أنه لا يلزم الإمام حضور الرجم وهو الحق لعدم دليل يدل على الوجوب ، ولما تقدم في حديث ماعز { أنه صلى الله عليه وسلم أمر برجم ماعز ، ولم يخرج معهم } والزنا منه ثبت بإقراره كما سلف ، وكذلك لم يحضر في رجم الغامدية كما زعم البعض . قال في التلخيص : لم يقع في طرق الحديثين أنه حضر ، بل في بعض الطرق ما يدل على أنه لم يحضر ، وقد جزم بذلك الشافعي ، قال : وأما الغامدية ففي سنن أبي داود وغيره ما يدل على ذلك .

                                                                                                                                            وإذا تقرر هذا تبين عدم الوجوب على الشهود ولا على الإمام ، وأما الاستحباب فقد حكى ابن دقيق العيد أن الفقهاء استحبوا أن يبدأ الإمام بالرجم إذا ثبت الزنا بالإقرار وتبدأ الشهود به إذا ثبت بالبينة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية