الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 251 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها سلم الصالح إسماعيل صاحب دمشق حصن شقيف أرنون لصاحب صيدا الفرنجي ، فاشتد الإنكار عليه بسبب ذلك من الشيخ عز الدين بن عبد السلام خطيب البلد ، والشيخ أبي عمرو بن الحاجب شيخ المالكية ، فاعتقلهما مدة ، ثم أطلقهما وألزمهما منازلهما ، وولي الخطابة وتدريس الغزالية لعماد الدين داود بن عمر بن يوسف المقدسي خطيب بيت الآبار ، ثم خرج الشيخان من دمشق ، فقصد أبو عمرو الناصر داود بالكرك ، ودخل الشيخ عز الدين الديار المصرية ، فتلقاه صاحبها أيوب بالاحترام والإكرام ، وولاه خطابة القاهرة وقضاء مصر ، واشتغل عليه أهلها ، فكان ممن أخذ عنه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد - رحمهما الله تعالى - .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قدم رسول من ملك التتار تولي بن جنكزخان إلى ملوك الإسلام يدعوهم إلى طاعته ويأمرهم بتخريب أسوار بلدانهم ، وعنوان الكتاب من نائب رب السماء ، ماسح وجه الأرض ، ملك الشرق والغرب خاقان . وكان الكتاب مع رجل مسلم من أهل أصبهان ، لطيف الأخلاق ، فأول ما ورد على [ ص: 252 ] شهاب الدين غازي بن العادل صاحب ميافارقين ، وقد أخبر بعجائب في أرضهم غريبة; منها أن في البلاد المتاخمة للسد أناسا أعينهم في مناكبهم ، وأفواههم في صدورهم ، يأكلون السمك ، وإذا رأوا أحدا من الناس هربوا . وذكر أن عندهم بزرا ينبت منه الغنم ، يعيش الخروف منها شهرين وثلاثة ، ولا يتناسل ، ومن ذلك أن بمازندران عينا يطلع فيها كل ثلاثين سنة خشبة عظيمة مثل المنارة ، فتقيم طول النهار ، فإذا غابت الشمس غاصت في العين فلا ترى إلى مثل ذلك الوقت ، وأن بعض الملوك احتال ليمسكوها بسلاسل ربطت فيها فغارت ، وقطعت تلك السلاسل ، ثم كانت إذا طلعت ترى فيها تلك السلاسل ، وهي إلى الآن كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو شامة : وفيها قلت المياه من السماء والأرض ، وفسد كثير من الزرع والثمار . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية