الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أمت ]

                                                          أمت : أمت الشيء يأمته أمتا ، وأمته : قدره وحزره . ويقال : كم أمت ما بينك وبين الكوفة ؟ أي قدر . وأمت القوم آمتهم أمتا إذا حزرتهم . وأمت الماء أمتا إذا قدرت ما بينك وبينه ; قال رؤبة :


                                                          في بلدة يعيا بها الخريت رأي الأدلاء بها شتيت     أيهات منها ماؤها المأموت



                                                          المأموت : المحزور . والخريت : الدليل الحاذق . والشتيت : المتفرق ، وعنى به هاهنا المختلف . الصحاح : وأمت الشيء أمتا قصدته ، وقدرته ; يقال : هو إلى أجل مأموت أي موقوت . ويقال : امت يا فلان هذا لي كم هو ؟ أي احزره كم هو ؟ وقد أمته آمته أمتا . والأمت : المكان المرتفع . وشيء مأموت : معروف . والأمت : الانخفاض ، والارتفاع ، والاختلاف في الشيء . وأمت بالشر : أبن به ; قال كثير عزة :


                                                          يئوب أولو الحاجات منه إذا بدا     إلى طيب الأثواب ، غير مؤمت



                                                          والأمت : الطريقة الحسنة . والأمت : العوج . قال سيبويه : قالوا أمت في الحجر لا فيك أي ليكن الأمت في الحجارة لا فيك ; ومعناه : [ ص: 149 ] أبقاك الله بعد فناء الحجارة ، وهي مما يوصف بالخلود والبقاء ، ألا تراه كيف قال :


                                                          ما أنعم العيش ! لو أن الفتى حجر     تنبو الحوادث عنه وهو ملموم



                                                          ورفعوه وإن كان فيه معنى الدعاء ، لأنه ليس بجار على الفعل ، وصار كقولك التراب له ، وحسن الابتداء بالنكرة ، لأنه في قوة الدعاء . والأمت : الروابي الصغار . والأمت : النبك ; وكذلك عبر عنه ثعلب . والأمت : النباك ، وهي التلال الصغار . والأمت : الوهدة بين كل نشزين . وفي التنزيل العزيز : لا ترى فيها عوجا ولا أمتا أي لا انخفاض فيها ولا ارتفاع . قال الفراء : الأمت النبك من الأرض ما ارتفع ، ويقال : مسايل الأودية ما تسفل . والأمت . تخلخل القربة إذا لم تحكم أفراطها . قال الأزهري : سمعت العرب تقول : قد ملأ القربة ملأ لا أمت فيه أي ليس فيه استرخاء من شدة امتلائها . ويقال : سرنا سيرا لا أمت فيه أي لا ضعف فيه ، ولا وهن . ابن الأعرابي : الأمت وهدة بين نشوز . والأمت : العيب في الفم والثوب والحجر . والأمت : أن تصب في القربة حتى تنثني ، ولا تملأها ، فيكون بعضها أشرف من بعض ، والجمع إمات وأموت . وحكى ثعلب : ليس في الخمر أمت أي ليس فيها شك أنها حرام . وفي حديث أبي سعيد الخدري : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله حرم الخمر ، فلا أمت فيها ، وأنا أنهى عن السكر والمسكر ; لا أمت فيها أي ، لا عيب فيها . قال الأزهري : لا شك فيها ولا ارتياب أنه من تنزيل رب العالمين ، وقيل للشك وما يرتاب فيه : أمت ؛ لأن الأمت الحزر والتقدير ، ويدخلهما الظن والشك ; وقول ابن جابر أنشده شمر :


                                                          ولا أمت في جمل ليالي ساعفت     بها الدار ، إلا أن جملا إلى بخل



                                                          قال : لا أمت فيها أي لا عيب فيها . قال أبو منصور : معنى قول أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الله حرم الخمر ، فلا أمت فيها ، معناه غير معنى ما في البيت ; أراد أنه حرمها تحريما لا هوادة فيه ولا لين ، ولكنه شدد في تحريمها ، وهو من قولك سرت سيرا لا أمت فيه أي لا وهن فيه ولا ضعف ; وجائز أن يكون المعنى أنه حرمها تحريما لا شك فيه ; وأصله من الأمت بمعنى الحزر ، والتقدير ، لأن الشك يدخلهما ; قال العجاج :


                                                          ما في انطلاق ركبه من أمت

                                                          أي من فتور واسترخاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية