الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في العنين قلت : أرأيت العنين متى يضرب له الأجل ، أمن يوم تزوجها أم من يوم ترفعه إلى السلطان ؟

                                                                                                                                                                                      قال : من يوم ترفعه إلى السلطان ، وكذلك قال مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت العنين إذا فرق السلطان بينهما ، أيكون أملك بها في العدة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا يكون أملك بها في العدة ولا رجعة له عليها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال الزوج العنين قد جامعتها وقالت المرأة ما [ ص: 185 ] جامعني ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سألت مالكا عنها ، فقال : قد نزلت هذه ببلدنا وأرسل إلي فيها الأمير فما دريت ما أقول له ، ناس يقولون يجعل معها النساء وناس يقولون يجعل في قبلها الصفرة فما أدري ما أقول ، قال ابن القاسم : إلا أني رأيت وجه قوله أن يدين الزوج ذلك ويحلف وسمعته منه غير مرة وهو رأيي قلت : أرأيت العنين إذا لم يجامع امرأته في السنة ، وفرق بينهما بعد السنة ، أيكون لها الصداق كاملا أم يكون لها نصف الصداق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال لي مالك : لها الصداق كله كاملا إذا أقام معها سنة ; لأنه قد تلوم له وقد خلى بها فطال زمانه معها وتغير صبغها وخلق ثيابها ، وتغير جهازها عن حاله ، فلا أرى له عليها شيئا ، وإن كان فراقه إياها قريبا من دخوله رأيت عليه نصف الصداق ، قال : قال مالك : وإن ناسا ليقولون ليس لها إلا نصف الصداق ، قال مالك : ولكن الذي أرى إن كان قد طال ذلك وتباعد وتلذذ منها وخلا بها أن الصداق لها كاملا .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في الرجل يبتني بالمرأة فلا يستطيع أن يمسها ، أنه يضرب له أجل سنة من يوم يأتيان السلطان ، قال : فإن استقرت فهي أولى بنفسها ، قال عطاء إذا ذكر أنه يصيبها وتدعي أنه لا يأتيها فليس عليه إلا يمينه بالله الذي لا إله إلا هو لقد وطئتها ثم لا شيء عليه . ابن وهب عن محمد بن عمر وعن ابن جريج قال : أخبرني أبو أمية عبد الكريم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود أنهما قالا : ينتظر به من يوم تخاصمه سنة ، فإذا مضت سنة اعتدت المطلقة وكانت في العدة أملك بأمرها . ابن وهب قال ابن جريج وسألت عطاء فقال : لها الصداق حين أغلق عليها وينتظر به من يوم تخاصمه سنة فأما ما قبل ذلك فلا هو عفو عنه ، ولكن ينتظر به من يوم تخاصمه ، فإذا مضت سنة اعتدت وكانت تطليقة وإن لم يطلقها ، وكانت في العدة أملك بأمرها . ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن عمر بن خلدة عن ابن المسيب بذلك ، قال : يضرب له السلطان أجل سنة من يوم ترفع ذلك إلى السلطان ، فإن استطاعها وإلا فرق بينهما .

                                                                                                                                                                                      قال عبد الجبار وقال ذلك ربيعة . ابن وهب قال مالك : وبلغني عن سليمان بن يسار أنه قال : أجل المعترض على أهله سنة . مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال إذا دخل الرجل بامرأته فاعترض عنها فإنه يضرب له أجل سنة فإن استطاع أن يمسها وإلا فرق بينهما .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب قال موسى بن علي قال ابن شهاب إن القضاة يقضون في الذي لا يستطيع امرأته بتربص سنة يبتغي فيها لنفسه فإن ألم في ذلك بأهله فهي امرأته ، وإن [ ص: 186 ] مضت سنة ولم يمسها فرق بينه وبينها وتقضي القضاة بذلك من حين تناكره امرأته أو يناكره أهلها ، قال ابن شهاب : وإن كانت تحته امرأته فولدت له ثم اعترض عنها فلم يستطع لها فلم أسمع بأحد فرق بين رجل وبين امرأته بعد أن يمسها فهذا الأمر عندنا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية