الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 390 ] ثم دخلت سنة أربع وخمسين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها مرض الخليفة المقتفي مرضا شديدا ، ثم عوفي منه فزينت له بغداد أياما ، وتصدق بصدقات عظيمة كثيرة . وفيها استعاد عبد المؤمن مدينة المهدية من أيدي الفرنج ، وقد كانوا أخذوها من المسلمين في سنة ثلاث وأربعين ، وقاتل خلقا كثيرا ببلاد المغرب حتى صارت عظام القتلى هناك كالتل العظيم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي صفر سقط برد بالعراق كبار ، زنة البردة قريب من خمسة أرطال ، ومنها ما هو تسعة أرطال بالبغدادي ، فهلك بذلك شيء كثير من الغلات ، وخرج الخليفة إلى واسط فاجتاز بسوقها ورأى جامعها ، وسقط عن فرسه فشج جبينه ، ثم عوفي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الآخر زادت دجلة زيادة عظيمة ، فغرقت بسبب ذلك محال كثيرة من بغداد حتى صار أكثر الدور بها تلولا ، وغرقت تربة الإمام أحمد ، وتخسفت هنالك القبور ، وطفت الموتى على وجه الماء ، قاله ابن الجوزي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة كثر المرض والموت ، وفيها أقبل ملك الروم في جحافل قاصدا بلاد الشام فرده الله خائبا خاسرا ; وذلك لضيق حالهم من الميرة ، وأسر [ ص: 391 ] المسلمون ابن أخته ، ولله الحمد والمنة . وحج بالناس في هذه السنة قايماز الأرجواني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية